ولكنّه ليس حرجيّا ، بل الضرر المتوعّد به حرجي ، إلّا أنّ ذلك لا يوجب اتّصاف متعلّق الإكراه بالحرجيّة ، ولا يرتبط بقاعدة لا حرج ، فإنّ موردها فيما إذا كان التكليف حرجيّا ، وجوبيّا كان أو تحريميّا.
فالظاهر أنّ عنوان «ما اكرهوا عليه» يشمل فعل المحرّمات وترك الواجبات ، إلّا أنّ للواجبات والمحرّمات مراتب من حيث الأهمّية والشدّة والضعف ، ولذا يعبّر عن بعض المعاصي بالصغيرة ، وعن بعضها الآخر بالكبيرة ، وعن بعضها الآخر بأكبر الكبائر ، ونلاحظ في باب التقيّة أوّلا بيان موردها كقولهم عليهمالسلام : «التقيّة في كلّ شيء يضطرّ إليه ابن آدم فقد أحلّه الله له». (١)
ثمّ يستفاد تقييدها بقولهم عليهمالسلام : «إنّما شرّعت التقيّة ليحقن بها الدماء ، فإذا بلغت الدّم فلا تقيّة» (٢).
فيستفاد من هذه الروايات ـ بل مع قطع النظر عنها ـ أنّ الإكراه لا يكون مجوّزا لقتل نفس محترمة وإن كان التوعيد بقتل نفس المكره ، ومن هنا تستفاد قاعدة كلّية ، وهي أنّ مع شمول حديث الرفع لترك الواجبات وفعل المحرّمات لا بدّ من ملاحظة ترك الواجب وفعل الحرام المكره عليهما من حيث الرتبة والأهمّيّة ، فإنّ الإكراه لا يكون مجوّزا للزنا بذات البعل أو لقتل النفس المحترمة ، أو لشرب الخمر في الملأ العام لمن يكون فعله معيارا للمجتمع الإسلامي ، وأمثال ذلك ، وهكذا في الاضطرار ، فإنّ الاضطرار إلى الزواج لا يكون سببا لعدم اعتبار إذن وليّ المرأة ورضايتها ، وهكذا في حديث نفي الحرج.
__________________
(١) الوسائل ١٦ : ٢١٤ ، الباب ٢٥ من أبواب الأمر والنهي ، الحديث ٢.
(٢) الوسائل ١٦ : ٢٣٤ ، الباب ٣١ من أبواب الأمر والنهي ، الحديث ١.