بمجرّد عدم الرضا وعدم طيب النفس بإيجاده ، ومن الواضح عدم كفاية ذلك في تسويغ ترك الواجبات ما لم ينته إلى المشقّة الموجبة للعسر والحرج ، فضلا عن الاقتحام في ارتكاب المحرّمات التي لا يسوغها إلّا الاضطرار ، ومن هنا لم يلتزم أحد بجواز ترك الواجب بمطلق الإكراه عليه ولو لم يبلغ إلى حدّ الحرج. نعم ، لو بلغ الإكراه إلى حدّ الحرج جاز ذلك ، ولكنّه حينئذ من جهة الحرج لا الإكراه.
وفيه : أوّلا : أنّ عنوان «ما أكرهوا» يجري في التكاليف من الواجبات والمحرّمات ، وله شواهد كثيرة في الروايات والفتاوى : منها : إفتاؤهم بالعفو للزوجة المكرهة على الجماع من قبل الزوج في شهر رمضان ، ومنها : افتاؤهم في حقّ المرأة المكرهة على الزنا من أنّه لا شيء عليها ؛ للإكراه ، ومنها : ما ورد في بعض الروايات من قوله صلىاللهعليهوآله : «رفع عن أمّتي ما اكرهوا عليه» إشارة إلى قوله تعالى : (إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمانِ)(١) التي نزلت في شأن عمّار بن ياسر ، ومن الواضح أنّ ما صدر من عمّار من التبرّي من الله ورسوله كان حراما تكليفيّا قد ارتفع بالإكراه.
وثانيا : أنّ التفصيل بين فعل المحرّمات وترك الواجبات من حيث دخول الأوّل تحت عنوان «ما اضطرّوا إليه» ودخول الثاني تحت عنوان «ما اكرهوا عليه» بشرط كون متعلّق الإكراه حرجيّا لا دليل عليه.
على أنّ الإكراه الشديد لأجل التوعيد بأمر لا تتحمّله طاقة الإنسان عادة لا يوجب كون متعلّق الإكراه حرجيّا ، فمثلا : لو اكره شخص على ترك الواجب وتوعّد بالضرب الشديد فيما فعله ، فإنّ متعلّق الإكراه حينئذ هو ترك الواجب
__________________
(١) النحل : ١٠٦.