أمّا في المرحلة الاولى فالصحيح أنّ البيع الإكراهي لا يكون مؤثّرا في التمليك والتملّك استنادا إلى حديث الرفع ، وهكذا في البيع النسياني ، بخلاف البيع الاضطراري فإنّ الحكم ببطلانه خلاف الامتنان ، فلا بدّ من الحكم بصحّته.
ولكنّ المحقّق النائيني قدسسره (١) ذهب إلى أنّ وقوع النسيان أو الإكراه أو الاضطرار في الأسباب لا يقتضي تأثيرها في المسبّب ، ولا تندرج في حديث الرفع ؛ لما تقدّم في باب الأجزاء والشرائط من أنّ حديث الرفع لا يتكفّل تنزيل الفاقد منزلة الواجد ولا يثبت أمرا لم يكن ، فلو اضطرّ إلى إيقاع العقد بالفارسيّة أو اكره عليه أو نسي العربيّة كان العقد باطلا ، بناء على اشتراط العربيّة في العقد ، فإنّ رفع العقد الفارسي لا يقتضي وقوع العقد العربي ، وليس للعقد الفارسي أثر يصحّ رفعه بلحاظ رفع أثره ، وشرطيّة العربيّة ليست هي المنسيّة حتّى يكون الرفع بلحاظ رفع الشرطيّة.
أقول : أمّا بالنسبة إلى نسيان السبب فالصحيح هو التفصيل بين ما إذا تعلّق بأصل السبب ، أو ما يعدّ أمرا مقوّما للعقد عرفا ، وبين ما إذا تعلّق بشرط من الشرائط الشرعيّة التي لا تعدّ عرفا مقوّما للعقد كما في اشتراط العربيّة مثلا ، أو بشرط عقلائي كذلك كما في اشتراط تقدّم الإيجاب على القبول ، فإنّه في الصورة الاولى لا إشكال في بطلان المعاملة وعدم إمكان تصحيحها بحديث الرفع ؛ إذ لا عقد هناك أصلا حتّى يتّصف بالصحّة بإجراء حديث الرفع ، وأمّا في الصورة الثانية فلا إشكال في تصحيح العقد بحديث الرفع ؛ إذ أصل العقد محقّق عرفا غير أنّه فاقد لشرط من الشروط الشرعيّة أو العقلائيّة غير
__________________
(١) فوائد الاصول ٣ : ٣٦٥ ـ ٣٥٧.