فيشكل إثباتها بالحديث ؛ لعدم صحّة التعبّد في الأحكام العقليّة.
النقطة الثانية : في لفظة «يرد» ، وفيها احتمالان :
الأوّل : أن يكون المراد منها صدور الحكم من المولى وجعله له ، فيكون مفاد الرواية : كلّ شيء لم يصدر فيه نهي ولم تجعل فيه الحرمة فهو مطلق.
الثاني : أن يكون المراد منها وصول الحكم إلى المكلّف وعلمه به لا مجرّد صدوره من الشارع وإن لم يصل إلى المكلّف ، فيكون مفاد الرواية : كلّ شيء لم يصل إلى المكلّف فيه نهي من الشارع فهو مطلق وإن صدر فيه نهي من الشارع.
ومن المعلوم أنّ الاستدلال بالرواية إنّما يتمّ بناء على الاحتمال الثاني دون الأوّل ؛ إذ ما لا نهي فيه رأسا لا كلام في أنّه لا عقوبة على ارتكابه ، ولا يقول الأخباري بالاحتياط فيه.
النقطة الثالثة : في لفظة «نهي» ، وفيها احتمالان :
الأوّل : أن يكون المراد منها النهي الواقعي المتعلّق بالشيء بعنوانه الأوّلي.
الثاني : أن يكون المراد منها مطلق النهي المتعلّق بالشيء ولو من حيث كونه مجهول الحكم.
ومن الواضح أنّه على الاحتمال الأوّل تكون البراءة المستفادة من الرواية معارضة لأدلّة وجوب الاحتياط على تقدير تماميّتها ، وعلى الثاني تكون أدلّة الاحتياط واردة عليها.
الجهة الثانية : في حكم هذه الاحتمالات من حيث الإمكان والامتناع ، وقد ذهب المحقّق الأصفهاني قدسسره (١) إلى امتناع صورتين من هذه الاحتمالات : الاولى :
__________________
(١) نهاية الدراية ٢ : ١٨٧.