من الطرفين غير قابل للتأثّر من قبل العلم الإجمالي ، وما هو قابل لذلك هو الجامع المقيّد انطباقه على الطرف الآخر لا يكون من الأوّل معلوما ؛ لعدم قابليّته للانطباق على الطرف المعلوم بالتفصيل ، وبذلك يسقط العلم الإجمالي عن السببيّة ؛ للاشتغال بمعلومه بجعله في عهدة المكلّف ، وبسقوطه تجري الاصول النافية في الطرف الآخر ، وفي ذلك لا فرق بين أنحاء الطرق ، بل الاصول المثبتة ، حيث إنّ الجميع على منوال واحد في كون الانحلال حكميّا لا حقيقيّا.
وفيه : أوّلا : ما سيأتي من تماميّة الانحلال الحقيقي في المقام وانعدام العلم الإجمالي في لوح النفس.
وثانيا : ما سوف يأتي تفصيله في بحث الاشتغال من أنّ القطع الوجداني ـ تفصيليّا كان أو إجماليّا ـ بالتكليف الفعلي الذي لم يرض المولى بتركه ، وقد تعلّقت إرادته به علّة تامّة لوجوب الموافقة القطعيّة وحرمة المخالفة القطعيّة ، وعليه فلا يصحّ القول بأنّ العلم الإجمالي مع بقائه في لوح النفس يسقط عن التأثير والمنجّزية ، وبسقوطه تجري الاصول النافية في الطرف الآخر.
التقريب الثاني : ما أفاده المحقّق الأصفهاني قدسسره (١) من أنّ العلم الإجمالي يتعلّق بوجوب ما لا يخرج من الطرفين ، لا بأحدهما المردّد ، فلا ينجّز إلّا بمقداره ، فتنجّز الخصوصيّة المردّدة كتنجّز كلتا الخصوصيّتين به محال ، لكن حيث إنّ كلّا من الطرفين يحتمل أن يكون واقعا طرف ذلك الوجوب الواحد المنجّز بالعلم الإجمالي ، فيكون في تركه احتمال العقاب ، فينبعث الإنسان جبلة وطبعا نحو إتيان كلا الطرفين ، وعليه ففي كلّ واحد من طرفي العلم الإجمالي يحتمل
__________________
(١) نهاية الدراية ٢ : ٢٠٢.