التنجيز ، فإنّ معنى حجّية الأمارة هو منجّزيتها للواقع عند مطابقتها للواقع ، ومعذّريتها عند المخالفة للواقع ، فالتنجيز في العلم الإجمالي والأمارة ليس إلّا على سبيل الاحتمال لا أنّه منجّز ، كما أنّ حكم العقل في كليهما على نسق واحد ، وهو لزوم الاتّباع لاحتمال التكليف المنجّز الموجب لاستحقاق العقاب على المخالفة.
فالأمارة وإن قامت على الخصوصيّة لكنّها ليست منجّزة للتكليف على كلّ تقدير ، بل على فرض مطابقتها للواقع.
ورابعا : ما أورده استاذنا السيّد الإمام قدسسره (١) من أنّه لو سلّمنا بأنّ متعلّق العلم الإجمالي إنّما هو وجوب ما لا يخرج عن الطرفين ، فلا محالة يكون المنجّز ـ بالفتح ـ بالعلم الإجمالي ما ينطبق عليه عنوان «وجوب ما لا يخرج عن الطرفين» ، وهو نفس التكليف الواقعي ، فلو فرض قيام الأمارة على وجوب صلاة الظهر وتطابقها للواقع يكون مؤدّاها أيضا نفس التكليف الواقعي ، وهذا يعني أنّ التنجيز كما يكون مستندا إلى الأمارة يكون مستندا إلى العلم الإجمالي أيضا ، بل يمكن القول بأنّ التنجيز مستند إلى العلم الإجمالي فقط بلحاظ سبقه وتقدّمه ؛ إذ ليس للتكليف الواحد إلّا تنجيز واحد.
هذا كلّه في الانحلال الحكمي ، وأمّا الانحلال الحقيقي فقد ذكر له تقريبان أيضا :
الأوّل : ما أفاده المحقّق الأصفهاني قدسسره (٢) من أنّه ربما يدّعى انطباق المعلوم بالإجمال على المعلوم بالتفصيل قهرا ؛ إذ لم يتنجّز بالعلم الإجمالي إلّا عدد
__________________
(١) تهذيب الاصول ٢ : ٢١٠ ـ ٢١١.
(٢) نهاية الدراية ٢ : ٢٠٠.