بخلاف ما إذا كان مفاد الحجّة وجوب خصوص صلاة الجمعة مع احتمال أن يكون الواجب هو خصوص صلاة الظهر ، فإنّ رعاية احتمال مخالفة الحجّة للواقع لا يحصل إلّا بتكرار العمل ، وفي هذا القسم لا يحسن إلّا بعد العمل بما يوافق الحجّة ، ولا يجوز العكس.
والسرّ في ذلك : هو أنّ معنى اعتبار الطريق إلقاء احتمال مخالفته للواقع عملا وعدم الاعتناء به ، والعمل أوّلا برعاية احتمال مخالفة الطريق للواقع ينافي إلقاء احتمال الخلاف ، فإنّ ذلك عين الاعتناء باحتمال الخلاف. وهذا بخلاف ما إذا قدّم العمل بمؤدّى الطريق ، فإنّ المكلّف بعد ما أدّى الوظيفة وعمل بما يقتضيه الطريق فالعقل يستقلّ بحسن الاحتياط لرعاية إصابة الواقع.
هذا ، مضافا إلى أنّه يعتبر في حسن الطاعة الاحتماليّة عدم التمكّن من الطاعة التفصيليّة ، فإنّ للإطاعة مراتب عقلا : الاولى : الامتثال التفصيلي ، الثانية : الامتثال الإجمالي ، الثالثة : الامتثال الظنّي ، الرابعة : الامتثال الاحتمالي. ولا يجوز عقلا الانتقال من المرتبة السابقة إلى المرتبة اللّاحقة إلّا بعد تعذّر السابقة ، وعليه فبعد قيام الطريق المعتبر على وجوب صلاة الجمعة يكون المكلّف متمكّنا من الطاعة والامتثال التفصيلي بمؤدّى الطريق ، فلا يحسن منه الامتثال الاحتمالي لصلاة الظهر.
ويردّ عليه : أوّلا : ما ذكرناه مرارا من أنّ مفاد أدلّة حجّية خبر الواحد هو لزوم اتّباع قول الثقة وجعله منجّزا ومعذّرا ، وأمّا تنزيله منزلة العلم في عالم التشريع وإلقاء احتمال الخلاف فلا يستفاد منها بوجه.
وثانيا : أنّه على فرض أن تكون حجّية خبر الواحد بمعنى إلقاء احتمال الخلاف وتنزيله بمنزلة العلم تعبّدا ، فلا يصحّ التفكيك والتفصيل بين إتيان