فلا تصلح لأن يتعلّق بها التكليف ، فالذي يصلح لأن يتعلّق به التكليف ليس إلّا اختيار شرب ما أحرز أنّه خمر.
ثمّ قال : إنّ حاصل هذه الدعوى تتركّب من مقدّمتين :
الاولى : دعوى أنّ متعلّق التكليف هو الانبعاث وحركة الإرادة والاختيار نحو ما احرز أنّه من مصاديق الموضوع الذي تعلّق به التكليف الواقعي.
الثانية : دعوى أنّ الإحراز والعلم يكون موضوعا على وجه الصفتيّة ، بمعنى الاختيار والإرادة وإن كان طريقا بالنسبة إلى الموضوع.
ثمّ أشكل عليهما بقوله : ولا يخفى عليك ما في كلتي المقدّمتين من المنع ، أمّا في الاولى فلأنّ المتعلّق هو الفعل الصادر عن إرادة واختيار ، لا نفس الإرادة والاختيار ، فإنّ الإرادة والاختيار تكون مغفولا عنها حين الفعل ولا يلتفت الفاعل إليها فلا يصلح لأن يتعلّق التكليف بها ، فإذا كان متعلّق التكليف هو الشرب المتعلّق بالخمر الصادر عن إرادة واختيار فالمتجرّي لم يتعلّق شربه بالخمر.
وأمّا في الثانية فلأنّ الإرادة وإن كانت تنبعث عن العلم لكن لا بما أنّه علم وصورة حاصلة في النفس ، بل بما أنّه محرز للمعلوم ، فالعلم يكون بالنسبة إلى كلّ من الإرادة والخمر طريقا ، بل العلم يكون في باب الإرادة من مقدّمات وجود الداعي ، حيث إنّه تعلّق الإرادة بفعل شيء بداعي أنّه الشيء الكذائي ، وهذا الداعي ينشأ عن العلم به ، فدخله في الإرادة إنّما يكون على وجه الطريقيّة والكاشفيّة عن المراد ، لا على وجه الصفتيّة والموضوعيّة.
ولكنّ المحقّق العراقي قدسسره (١) استشكل على مجموعة مقالته بأنّ بعد الاعتراف
__________________
(١) نهاية الأفكار ٣ : ٣١.