مورد الحكم الواقعي ، ومع المصادفة يكون مرجع الترخيص إلى رفع اليد عن الحكم الواقعي لمصلحة أهمّ من مصلحة درك الواقع ، كما هو الشأن في الشبهات البدويّة ، فإنّ الترخيص في مطلقها مع ثبوت الحكم الواقعي في بعض مواردها إنّما هو لأجل أنّه رفع اليد عن الحكم الواقعي لمصلحة أهمّ.
وربّما يقال : إنّ الترخيص والإذن في الارتكاب يكون ترخيصا في المعصية التي هي قبيحة عند العقل ، وهو لا يصدر من الحكيم ، مضافا إلى لزوم المناقضة ؛ لعدم إمكان اجتماع المعصية مع الترخيص فيها بعد كونها متوقّفة على تكليف المولى.
وجوابه : أوّلا : بالنقض في الشبهات البدويّة ، بأنّ جريان حديث الرفع وترخيص شرب (التتن) مثلا ، كيف يكون قابلا للاجتماع مع حرمته بحسب الواقع؟ وبما ذكرت من الجواب هناك نقول به هنا.
وثانيا : بالحلّ بأنّ القبيح والموجب لاستحقاق العقوبة هي مخالفة التكليف الواقعي الذي كان مطلوبا للمولى ولم يرفع يده عنه لمصلحة اخرى أهمّ ، كما في مثال حفظ الولد ، وأمّا مخالفة التكليف الواقعي الذي يكون قد رفع اليد عنه لمصلحة التسهيل على العباد ـ مثلا ـ ، فلا تكون قبيحة ، ولا موجبة لاستحقاق العقوبة أصلا ، فالترخيص في مخالفة الإمارة التي هي طريق إلى الواقع وجواز عدم المشي على طبقها لمصلحة اخرى لا يكون معصية ولا قبح فيه ، ورفع المناقضة يكون بعدم تنجّز الحكم الواقعي في الشبهة ، وكذا في الشبهة المقرونة بالعلم الإجمالي.
والحاصل : أن العقل قبل ورود الترخيص وإن كان يحكم بلزوم العمل على طبق الحجّة الإجماليّة ووجوب المشي معها بالاحتياط ، إلّا أنّه لا مانع عنده