هناك تكليف.
فإذا علمنا بأنّه إمّا هذا الشيء واجب بنحو الواجب المطلق ، وإمّا ذاك الشيء بنحو الواجب المشروط ، فالظاهر وجوب الاحتياط هنا أيضا ؛ لأنّ التكليف ولو كان مشروطا بأمر استقبالي بحيث لم يكن متحقّقا قبل تحقّق الشرط ، كما هو الشأن في جميع الواجبات المشروطة ، إلّا أنّه لو فرض كونه معلوما بالتفصيل لكان اللازم على المكلّف الإتيان بمقدّمات المكلّف به التي لا يقدر عليها بعد ثبوت التكليف ، ولا يكون المكلّف معذورا لو لم يفعلها ؛ نظرا إلى أنّ التكليف لم يكن ثابتا قبل تحقّق الشرط ، فكيف يجب على المكلّف تحصيل مقدّماته؟ وبعده وإن تحقّق التكليف إلّا أنّه معذور في المخالفة لأجل عدم القدرة على فعل متعلّقه ؛ لأنّ المفروض عدم القدرة على المقدّمات بعد تحقّق الشرط.
ووجه عدم المعذوريّة : أنّ العقل يحكم بلزوم تحصيل هذه المقدّمات مع العلم بعدم القدرة عليها بعد ثبوت التكليف وإن لم يكن التكليف متحقّقا بعد ، فإذا كان الأمر كذلك فيما لو كان الواجب المشروط معلوما بالتفصيل فكيف إذا دار الأمر بين كون الوجوب مطلقا أو مشروطا؟
وبالجملة ، لا ينبغي الإشكال في وجوب الاحتياط في التدريجيّات من دون فرق بين أن يكون الأمر دائرا بين المعلّق والمنجّز ، وبين أن يكون دائرا بين المطلق والمشروط.
أمّا في الأوّل فواضح بعد ما عرفت من كون التكليف في الواجب المعلّق يكون ثابتا قبل وجود المعلّق عليه أيضا ، فهو عالم إجمالا بتعلّق تكليف فعلي حالي ، غاية الأمر أنّ المكلّف به مردّد بين أن يكون حاليّا أو استقباليّا ، والعقل