وجه الخلل : ما عرفت من ظهور مثل الصحيحة في خصوص الشبهة المقرونة بالعلم الإجمالي ؛ لأنّ الشيء الذي فيه حلال بالفعل وحرام بالفعل هو عبارة عن المختلط بهما مثل مجموع الإنائين أو المائعين ، والشبهة البدويّة لا تكون كذلك.
وحينئذ فبعد إخراج الشبهة المحصورة ـ لحكم العقلاء باستلزام الإذن في الارتكاب فيها للإذن في المعصية ، وهو مضافا إلى قبحه غير معقول كما عرفت ـ تبقى الشبهة الغير المحصورة باقية تحتها.
هذا ، مضافا إلى أنّه لو سلّمنا الشمول للشبهة البدويّة فكونها نصّا فيها وظاهرة في الشبهة الغير المحصورة محلّ نظر ، بل منع ، كما لا يخفى ، فالاستدلال بها صحيح.
ويدلّ على ما ذكرنا أيضا ما رواه البرقي في محكي المحاسن عن أبي الجارود ، قال : سألت أبا جعفر عليهالسلام عن الجبن ، فقلت : أخبرني من رأى أنه يجعل فيه الميتة ، فقال : «أمن أجل مكان واحد يجعل فيه الميتة حرّم جميع ما في الأرض؟! إذا علمت أنّه ميتة فلا تأكله ، وما لم تعلم فاشتر وبع وكل ، والله ، إنّي لأعترض السوق فأشتري اللحم والسمن والجبن ، والله ، ما أظنّ كلّهم يسمّون ، هذه البربر وهذه السودان» (١).
فإنّه لو أغمض النظر عن المناقشة في السند وكذا في المضمون من جهة صدورها تقيّة ـ لما عرفت سابقا من عدم حرمة الجبن الذي علم تفصيلا بوضع الأنفحة من الميتة فيه عند علمائنا الإماميّة قدسسرهم ، خلافا للعامة ، والرواية مقرّرة لهذا الحكم ـ تكون دلالتها على عدم وجوب الاجتناب في الشبهة الغير
__________________
(١) الوسائل ٢٥ : ١١٩ ، الباب ٦١ من أبواب أطعمة المباحة ، الحديث ٥.