المحصورة واضحة.
وما ادّعاه الشيخ رحمهالله في الرسائل من أنّ المراد أنّ جعل الميتة في الجبن في مكان واحد لا يوجب الاجتناب عن جبن غيره من الأماكن ، ولا كلام في ذلك ، لا أنّه لا يوجب الاجتناب عن كلّ جبن يحتمل أن يكون من ذلك المكان ، فلا دخل له بالمدّعى (١).
فيه نظر واضح ؛ لأنّ الحكم بعدم وجوب الاجتناب عن الجبن في مكان مع العلم بعدم كونه من الأمكنة التي توضع فيه الميتة في الجبن ممّا لا ينبغي أن يصدر من الإمام عليهالسلام ولا أن يقع موردا للشكّ ، كما هو واضح.
بل الظاهر أنّ المراد أنّ مجرّد احتمال كون الجبن موضوعا فيه الميتة وأنّه من الجبن المنقولة من الأمكنة التي توضع فيها الميتة في الجبن لا يوجب الاجتناب عن كلّ جبن ، وهذا هو المطلوب في باب الشبهة الغير المحصورة ، كما أنّ قوله عليهالسلام : «ما أظنّ كلّهم يسمّون» ظاهر في أنّ العلم بعدم تسمية جماعة حين الذبح ـ كالبربر والسودان ـ لا يوجب الاجتناب عن جميع اللحوم.
ودعوى أنّ المراد منه عدم وجوب الظنّ أو القطع بالحلّيّة ، بل يكفي أخذها من سوق المسلمين ـ كما في الرسائل (٢) ـ غريبة جدّا ومخالفة لظاهر صدر الرواية ؛ لعدم ارتباط استناد الحلّيّة إلى سوق المسلمين بالمقام ، فمقتضى حفظ التناسب والارتباط أنّه لا موضوعيّة للسوق في الرواية ، بل معناه حكاية الإمام عليهالسلام ما يعمل به بالمباشرة ، فالذيل مؤيّد للصدر في عدم وجوب الاجتناب عن الشبهات الغير المحصورة.
__________________
(١) فرائد الاصول ٢ : ٤٣٣.
(٢) المصدر السابق.