المركّب من الأقلّ الذي هو الأمر الوحداني الحاصل من ملاحظة أجزائه شيئا واحدا يغاير المركّب من الأكثر الذي مرجعه إلى ملاحظة الوحدة بين أجزائه ، فالمركّب من الأقلّ له صورة مغايرة للمركّب من الأكثر ، فإذا دار الأمر بينهما يجب الاحتياط بإتيان الأكثر.
ويظهر جواب هذا الإشكال ممّا ذكرنا ، فإنّ المركّب من الأقلّ ليس له صورة تغاير نفس الأجزاء المركّبة منه بحيث كان هنا أمران : الأجزاء التي يتحصّل منها المركّب ، والصورة الحاصلة منها ، بل ليس هنا إلّا أمر واحد وهو نفس الأجزاء ، ولذا ذكرنا أنّ الأمر يدعو إلى الأجزاء بعين دعوته إلى المركّب ؛ لعدم التغاير بينهما. وهكذا المركّب من الأكثر ليس له صورة مغايرة للأجزاء ، بل هو نفسها ، وحينئذ فلا يكون في البين إلّا الأجزاء التي دار أمرها بين الأقلّ والأكثر ، فالمقام لا يكون من قبيل دوران الأمر بين المتباينين ، مضافا إلى أنّه لو كان من ذلك القبيل لكان مقتضاه الجمع بين الإتيان بالمركّب من الأقلّ مرّة وبالمركّب من الأكثر اخرى ، ولا يجوز الاكتفاء بالثاني ، كما أنّه لا يجوز الاكتفاء بالأوّل.
الإشكال الثاني : ما نسب إلى المحقّق صاحب الحاشية ـ وإن كانت عبارتها لا تنطبق عليه ، بل هي ظاهرة في وجه آخر سيأتي التعرّض له ـ من أن العلم بوجوب الأقلّ لا ينحلّ به العلم الإجمالي ؛ لتردّد وجوبه بين المتباينين ، فإنّه لا إشكال في مباينة الماهيّة بشرط شيء للماهيّة لا بشرط ؛ لأنّ أحدهما قسيم الآخر ، فلو كان متعلّق التكليف هو الأقلّ فالتكليف به إنّما يكون لا بشرط عن الزيادة ، ولو كان متعلّق التكليف هو الأكثر فالتكليف بالأقلّ إنّما يكون بشرط انضمامه مع الزيادة ، فوجوب الأقلّ يكون مردّدا بين المتباينين باعتبار