النائيني رحمهالله في مقام الجواب عن الإشكال ليس بتامّ ، كما لا يخفى.
الإشكال الثالث : أنّ وجوب الأقلّ دائر بين كونه نفسيّا يترتّب على مخالفة الأمر المتعلّق به العقاب وبين كونه غيريّا ؛ إذ الواجب إن كان الأكثر يكون الوجوب المتعلّق بالأقلّ غيريّا ، فلا يترتّب على مخالفته شيء ؛ لأنّ العقاب إنّما هو على ترك الواجب النفسي لا الغيري ، وحينئذ فلا يعلم بلزوم الإتيان بالأقلّ على أيّ تقدير وبعنوان القدر المشترك حتّى ينحلّ به العلم الإجمالي بالعلم التفصيلي بالنسبة إليه والشكّ البدوي بالنسبة إلى الأكثر ، فالعلم الإجمالي باق على حاله ، ومقتضاه وجوب الاحتياط بإتيان الأكثر.
ويرد عليه : أوّلا : أنّ المركّب كما أنّه ليس له إلّا وجود واحد هو عين وجود الأجزاء ، كذلك لا يكون له إلّا عدم واحد ؛ لأنّ نقيض الواحد لا يكون إلّا واحدا ، وإلّا يلزم ارتفاع النقيضين ، وحينئذ فنقيض ، المركّب إنّما هو عدم ذلك الوجود الواحد ، غاية الأمر أنّ عدمه تارة بعدم جميع أجزائها ، واخرى بعدم بعضها ؛ لوضوح اشتراك تارك الصلاة رأسا مع تارك ركوعها ـ مثلا ـ في عدم إتيان واحد منهما بالمركّب الذي هو الصلاة.
وحينئذ نقول : ترك الأقلّ يعلم بترتّب العقاب عليه ، إمّا من جهة كونه هو تمام المأمور به ، وإمّا من جهة أنّ تركه هو عين ترك المأمور به الذي يترتّب عليه العقاب ، فيترتّب العقاب على تركه قطعا ، وبه ينحلّ العلم الإجمالي.
نعم ، لو كان الواجب في الواقع هو الأكثر ، ولم يأت المكلّف إلّا بالأقلّ اعتمادا على حكم العقل بالبراءة فهو وإن كان تاركا للمأمور به ؛ لأنّ تركه عين ترك الجزء الزائد أيضا ؛ إلّا أنّ ترك المأمور به هنا إنّما هو لعذر ، بخلاف تركه بعدم الإتيان بالأقلّ ، فإنّه لا يكون لعذر ، فهما مشتركان في عدم إتيانهما بالمأمور به ،