غاية الأمر أنّ الآمر توصّل إلى إفادة ذلك بأخذ مثل كلمة «كلّ» في خطابه ، وإلّا فعنوان الكلّ لا يكون مطلوبا ومترتّبا عليه الغرض ، بل هو عنوان مشير إلى أفراد ما يليه من العالم وغيره ـ مثل عنوان الجالس في قول الإمام عليهالسلام : «عليك بهذا الجالس» ـ وقد حقّقنا ذلك في مبحث العموم والخصوص من مباحث الألفاظ.
وحينئذ فلو شكّ في فرد أنّه عالم أم لا ، يكون مرجع هذا الشكّ إلى الشكّ في أنّه هل يجب إكرامه أم لا؟ ووظيفة المولى وإن لم تكن إلّا بيان الكبريات ، إلّا أنّها بمجرّدها لا تكون حجّة ما لم ينضمّ إليها العلم بالصغرى وجدانا أو بطريق معتبر شرعي أو عقلي ، والمقصود من البيان في قاعدة قبح العقاب بلا بيان هو تحقّق الحجّة على التكليف ، وتحقّق الحجّة يحتاج إلى إحراز الصغرى والكبرى معا ، وإلّا لم تتحقّق الحجّة ، فقوله : «أكرم العلماء» ، وإن كان مفيدا لوجوب إكرام كلّ عالم واقعي ، إلّا أنّه لا يكون حجّة بالنسبة إلى الفرد المشكوك ، والمفروض أيضا أنّ المأمور به لا يكون له عنوان شكّ في تحقّقه مع الإخلال بإكرام الفرد المشكوك ؛ لما عرفت من أنّ عنوان الكلّ عنوان مشير إلى أفراد ما يليه من غير أن يجب علينا تحصيله.
وهذا بخلاف العام المجموعي ، فإنّ المأمور به فيه إنّما هو المجموع بما هو مجموع ، لكون الغرض مترتّبا عليه ، ومع عدم إكرام الفرد المشكوك ، يشكّ في تحقّق عنوان المأمور به ؛ لعدم العلم حينئذ بإكرام المجموع. والمفروض أنّ هذا العنوان مورد تعلّق الغرض والأمر ، وبعد العلم بأصل الاشتغال لا يكون مفرّ من إحراز حصول المأمور به ، وهو لا يتحقّق إلّا بضمّ الفرد المشكوك ، والإخلال به إنّما هو كالاقتصار على مجرّد احتمال إكرام بعض من كان عالما