أن يكون قابلا للانبعاث عنه ، بحيث يمكن أن يصير داعيا لانقداح الإرادة وحركة العضلات نحو المأمور به ولو في الجملة ، وأمّا التكليف الذي لا يصلح لأن يصير داعيا ومحرّكا للإرادة في وقت من الأوقات فهو قبيح مستهجن.
ومن المعلوم أنّ التكليف بعنوان الناسي غير قابل لأنّ يصير داعيا لانقداح الإرادة ؛ لأنّ الناسي لا يلتفت إلى نسيانه في جميع الموارد ، فيلزم أن يكون التكليف بما يكون امتثاله دائما من باب الخطأ في التطبيق ، وهو كما ترى ممّا لا يمكن الالتزام به ، وهذا بخلاف الأمر بالقضاء والأداء ، فإنّ الأمر قابل لأن يصير داعيا ومحرّكا للإرادة بعنوان الأداء أو القضاء ؛ لإمكان الالتفات إلى كونه أداء أو قضاء.
نعم ، قد يتّفق الخطأ في التطبيق ، وأين هذا من التكليف بما يكون امتثاله دائما من باب الخطأ في التطبيق كما في ما نحن فيه ، فقياس المقام بالأمر بالأداء أو القضاء ليس على ما ينبغي (١). انتهى.
هذا ولكن يرد على هذا الجواب : أنّه بعد تسليم كون الباعث والمحرّك للناسي دائما إنّما هو الأمر الواقعي المتعلّق بالناسي لا مجال لما ذكره ؛ لعدم المانع من كون الخطأ في التطبيق أمرا دائميّا ؛ إذ الملاك هو الانبعاث من البعث المتوجّه إليه ، والمفروض تحقّقه ، لعدم كونه منبعثا إلّا عن الأمر الواقعي المتعلّق بخصوص الناسي ، فمع تسليم باعثيّة ذلك الأمر لا موقع لهذا الإشكال.
ويؤيّده أنّ الناسي يرى نفسه متأثّرة عن الأمر الأوّل في مقام الامتثال ؛ لعدم التفاته إلى غفلته ، فيكون وجود أمر الثاني وعدمه على حدّ سواء بعد وصول المولى إلى غرضه من طريق الأمر الأوّل ، فلا احتياج إلى الأمر الثاني.
__________________
(١) فوائد الاصول ٤ : ٢١١ ـ ٢١٢.