هذا إذا لم يكن ذاكرا في أوّل الوقت ، ثمّ عرض له النسيان في الأثناء ، وإلّا فيجري استصحاب التكليف الثابت عليه في أوّل الوقت ، للشكّ في سقوطه بسبب النسيان الطارئ الزائل في الوقت (١). انتهى.
وفيه : أنّك عرفت أنّ محلّ الكلام هو ما إذا لم يكن للدليل المثبت للجزئيّة إطلاق ، وإلّا فلا مجال لأصالة البراءة العقليّة مطلقا ، ومع عدم الإطلاق ، كما هو المفروض نقول : لا موقع لهذا التفصيل ؛ لأنّ الناسي في حال النسيان لا إشكال في عدم كونه مكلّفا بالمركّب التامّ المشتمل على الجزء المنسي ؛ لعدم كونه قادرا عليه ، بل إمّا أن نقول بعدم كونه مأمورا بالمركّب الناقص أيضا ـ كما حكي عن المحقّق الميرزا الشيرازي رحمهالله ـ وإمّا أن نقول بكونه مكلّفا بما عدا الجزء المنسي ، كما حكي عن تقريرات بعض الأجلّة لبحث الشيخ ، وإمّا أن نقول بما أفاده المحقّق الخراساني رحمهالله الذي ارتضاه المحقّق النائيني رحمهالله (٢) من كون المكلّف به أوّلا في خصوص الذاكر والناسي هو خصوص ما عدا الجزء المنسي ، ويختصّ الذاكر بخطاب يخصّه بالنسبة إلى الجزء المنسي ، وعلى التقادير الثلاثة تجري البراءة مطلقا.
أمّا على التقدير الأوّل فلأنّه بعد الإتيان بالفرد الناقص في حال النسيان يشكّ في أصل ثبوت التكليف ؛ لاحتمال اختصاص اقتضاء الجزء المنسي بحال العمد ، وكذا على التقدير الثاني ، فإنّه بعد الإتيان بما هو المأمور به بالنسبة إليه يشكّ في توجّه الأمر بالمركّب التامّ ، وهو مجرى البراءة ، كما أنّه بناء على التقدير الثالث يشكّ في كونه مشمولا للخطاب الآخر المختصّ بالذاكرين ، والمرجع فيه
__________________
(١) فوائد الاصول ٤ : ٢٢٠ ـ ٢٢١.
(٢) فوائد الاصول ٤ : ٢١٣ ـ ٢١٤.