الظهور.
وعليه يمكن إن يقال : إنّ غاية ما يقتضيه الحكم العقلي إنّما هو المنع عن حجّيّة ظهور تلك الأوامر في الإطلاق بالنسبة إلى الحكم التكليفي ، وأمّا بالنسبة إلى الحكم الوضعي وهو الجزئيّة وإطلاقها لحال النسيان ، فحيث لا قرينة على الخلاف من هذه الجهة يؤخذ بظهورها في ذلك.
وعلى فرض الإغماض عن ذلك أيضا يمكن التمسّك بإطلاق المادّة لدخل الجزء في الملاك والمصلحة حتّى في حال النسيان ، فلا فرق حينئذ في صحّة التمسّك بالإطلاق بين كون الدليل بلسان الحكم التكليفي أو بلسان الوضع (١). انتهى.
وفي جميع الأجوبة الثلاثة التي أجاب بها عن التفصيل الذي ذكره بقوله : «لا يقال» ؛ نظر.
أما الجواب الأوّل الذي يرجع إلى تسليم التفصيل مع ظهور تلك الأوامر في المولويّة وعدم استقامته مع كونها إرشادا إلى جزئيّة متعلّقاتها ، فيرد عليه : أنّ الأوامر الإرشاديّة لا تكون مستعملة في غير ما وضع له هيئة الأمر ، وهو البعث والتحريك إلى طبيعة المادّة ، بحيث كان مدلولها الأوّلي هو جزئيّة المادّة للمركّب المأمور بها في المقام ، فكأنّ قوله : «اسجد في الصلاة» ، عبارة اخرى عن كون السجود جزءا لها ، بل الأوامر الإرشاديّة أيضا تدلّ على البعث والتحريك ، فإنّ قوله : «اسجد في الصلاة» ، معناه الحقيقي هو البعث إلى إيجاد سجدة فيها ، غاية الأمر أنّ المأمور به بهذا الأمر لا يكون مترتّبا عليه غرض نفسي ، بل الغرض من هذا البعث إفهام كون المادّة جزءا ، وأنّ الصلاة
__________________
(١) نهاية الأفكار ٣ : ٤٢٤.