الإجمال.
وأمّا الدليل المثبت للجزئيّة فلا يبعد هذه الدعوى فيه ؛ لقوّة ظهوره في الإطلاق من غير فرق بين أن يكون بلسان الوضع كقوله : «لا صلاة إلّا بفاتحة الكتاب» (١) ، وبين أن يكون بلسان الأمر ، كقوله : «اركع في الصلاة» ، مثلا.
نعم ، لو كان دليل اعتبار الجزء هو الإجماع يمكن تخصيص الجزئيّة المستفادة منه بحال الذكر ؛ لأنّه القدر المتيقّن ، بخلاف ما لو كان الدليل غيره ، فإنّ إطلاقه مثبت لعموم الجزئيّة لحال النسيان.
لا يقال : إنّ ذلك يتمّ إذا كان الدليل بلسان الوضع ، وأمّا إذا كان بلسان الأمر فلا ؛ لأنّ الجزئيّة حينئذ تتبع الحكم التكليفي ، فإذا كان مختصّا بحكم العقل بحال الذكر فالجزئيّة أيضا تختصّ بحال الذكر.
فإنّه يقال : إنّه لو تمّ ذلك فإنّما هو على فرض ظهور تلك الأوامر في المولويّة النفسيّة أو الغيريّة ، وإلّا فعلى ما هو التحقيق من كونها إرشادا إلى جزئيّة متعلّقاتها فلا يستقيم ذلك ؛ إذ لا يكون حينئذ محذور عقلي.
مع أنّه على فرض المولويّة ولو بدعوى كونها بحسب اللبّ عبارة عن قطعات ذلك الأمر النفسي المتعلّق بالمركّب غير أنّها صارت مستقلّة في مقام البيان ، نقول : إنّ المنع المزبور إنّما يتّجه لو كان حكم العقل بقبح تكليف الناسي من الأحكام الضروريّة المرتكزة في الأذهان بحيث يكون كالقرينة المختصّة بالكلام مانعا عن انعقاد الظهور ، مع أنّه ممنوع ؛ لأنّه من العقليّات التي لا ينتقل الذهن إليها إلّا بعد الالتفات والتأمّل في المبادئ التي أوجبت حكم العقل ، فيصير حينئذ من القرائن المنفصلة المانعة عن حجّيّة الظهور ، لا عن أصل
__________________
(١) مستدرك الوسائل ٤ : ١٥٨ ، الباب ١ من أبواب القراءة في الصلاة ، الحديث ٥.