والحاصل : أنّ قوله : «إذا أمرتكم بشيء فأتوا منه ما استطعتم» بيان لهذه القاعدة العقليّة ، ومرجعه إلى أنّه إذا أمرتكم بطبيعة ذات أفراد فأتوا منها زمان استطاعتكم ، ولا تكون كلمة «ما» موصولة حتّى يكون الحديث بصدد ، إيجاب جميع المصاديق التي هي مورد للاستطاعة والقدرة ، فسياق الحديث يشهد بأنّ قوله : «إذا أمرتكم ...» إلى آخره ، لا يدل على أزيد ممّا يستفاد من نفس الأمر بطبيعة ذات أفراد ، وهو لزوم إيجادها في الخارج المتحقّق بإيجاد فرد واحد منها ؛ لأنّ الفرد تمام الطبيعة ، والمصداق تمام الماهيّة ، ولا يستفاد منه لزوم الإتيان بالمقدار المستطاع من أفراد الطبيعة حتّى يكون لأجل السؤال عن وجوبه في كلّ عامّ ، فأثّر السؤال في هذا الإيجاب الذي هو خلاف ما تقتضيه القاعدة العقليّة.
وممّا ذكرنا ظهر اختصاص هذا القول بالطبيعة ذات الأفراد والمصاديق ، فلا مجال للاستدلال به للمقام واستفادة لزوم الإتيان ببقية الأجزاء عند تعذّر واحد منها.
وظهر أيضا اندفاع توهّم أن المورد وإن كان هي الطبيعة ذات الأفراد ، إلّا أنّه لا مانع من كون مفاد القاعدة أعمّ منها ومن الطبيعة المركّبة ؛ لأنّ ذلك يتمّ فيما لم يكن المورد قرينة لما يستفاد من القاعدة كما في المقام ، حيث عرفت أنّ الظاهر منها بيان لما هو مقتضى حكم العقل ـ أي البراءة ـ ولا تكون بصدد إفادة تحميل زائد وإيجاب بقية الأجزاء ، فلا يمكن ، إلغاء الخصوصيّة عن المورد وتعميم الحكم بالنسبة إلى المركّب ذات الأجزاء.
مضافا إلى أنّ التعميم يحتاج إلى كون كلمة «ما» موصولة بالنسبة إلى المركّب ذات الأجزاء ، وزمانيّة بالنسبة إلى الطبيعة ذات الأفراد ، فكيف يمكن الالتزام به في استعمال واحد؟