فيكون الحديث من حيث الدلالة في ما نحن فيه قويّا على هذا الاحتمال ، ولا يكون فيه مخالفة للظاهر وأمثال ذلك.
ومن الاحتمالات التي تستفاد من كلام صاحب الكفاية رحمهالله (١) وعدّة من الأعاظم (٢) : أنّ مرجع الضمير في قوله : «لا يسقط» هو الميسور بماله من الحكم ، كما في مثل «لا ضرر ولا ضرار» حيث إنّ ظاهره نفي ما له من تكليف أو وضع.
ويرد عليه : أوّلا : أنّه خلاف الظاهر ؛ إذ الظاهر كون الأمر الغير الساقط هو نفس الميسور ، وليس من الحكم في العبارة أثر ولا خبر.
وثانيا : أنّ الثابت في عهدة الإنسان عبارة عمّا يعبّر عنه بالدين أو الحقّ ، وهو المأمور به ـ أي الصلاة والحجّ ـ لا الحكم والوجوب ، إلّا أنّ الوجوب سبب وعلّة لتحقّق هذا الدين ، فما لا يكون ثابتا في الذمّة ، كيف يمكن القول بسقوطه أو عدم سقوطه عنها؟
وثالثا : أنّ الحكم الأوّل الثابت قبل التعذّر قد ارتفع بسبب التعذّر ، ولا يعقل بقاء شخص ذلك الحكم ، والحكم المتعلّق بالمأمور به بعد تعذّر بعض الأجزاء حكم آخر ، فإن كان مرجع الضمير عبارة عن الحكم لا يمكن القول بأن الحكم الأوّل باق ؛ لسقوطه قطعا ، فالفرق واضح بين إرجاع ضمير قوله : «لا يسقط» إلى نفس الميسور ، وأنّه بمنزلة السقف كما أنّ السقف باق ، ولم يسقط بتبديل الدعامة ، كذلك الميسور باق ولم يسقط بتبديل سببه ـ أي الوجوب ـ وإرجاعه إلى الحكم والدعامة ؛ إذ لا شكّ في سقوطهما.
__________________
(١) كفاية الاصول ٢ : ٢٥٢.
(٢) فوائد الأصول ٤ : ٢٥٥ ، نهاية الافكار ٣ : ٤٥٧.