الذي له أجزاء بنحو العام المجموعي ، ويحتمل أن يكون كلّ جزء من أجزاء المجموع بحيث كان كلّ جزء على حياله واستقلاله ملحوظا ، ويحتمل أن يكون المراد بها في الموضع الأوّل هو المعنى الأوّل ، وفي الموضع الثاني هو المعنى الثاني ، ويحتمل العكس فهذه أربعة احتمالات متصوّرة بحسب بادئ النظر.
ولكن التأمّل يقضي بأنّه لا سبيل إلى حمل كلمة «كلّ» في الموضع الثاني على الكلّ المجموعي ؛ لأنّ معنى درك المجموع هو الإتيان به ، وعدم دركه قد يتحقّق بعدم درك شيء منه ، وقد يتحقّق بعدم درك بعض الأجزاء فقط ؛ ضرورة أنّه يصدق عدم إدراك المجموع مع عدم إدراك جزء منه ، وأما ترك المجموع فهو كعدم دركه ، وعدم تركه كدركه ، فمعنى عدم ترك المجموع هو إدراكه والإتيان به بجميع أجزائه.
وحينئذ فلو حمل الكلّ في الموضع الثاني على الكلّ المجموعي يصير مضمون الرواية هكذا ، ما لا يدرك مجموعه أو كلّ جزء منه لا يترك مجموعه ويجب الإتيان به ، وهذا بيّن الفساد ، فيسقط من الاحتمالات الأربعة احتمالان.
وأمّا الاحتمالان الآخران المشتركان في كون المراد بكلمة «كلّ» في الموضع الثاني هو كلّ جزء من أجزاء المجموع فلا مانع منهما ؛ لأنّه يصير المراد من الرواية على أحد الاحتمالين هكذا : ما لا يدرك مجموعه لا يترك كلّ جزء من أجزائه ، وعلى الاحتمال الآخر : ما لا يدرك كلّ جزء من أجزائه لا يترك كلّ جزء منها ، وهذا أيضا كالمعنى الأوّل معنى صحيح ؛ لأنّ عدم درك كلّ جزء يصدق بدرك بعض الأجزاء ، كما أنّ عدم ترك كلّ جزء يتحقّق بالإتيان بالبعض.
فالمستفاد منه أنّه مع عدم إدراك جميع الأجزاء ودرك البعض يجب الإتيان بالبعض ، ولا يجوز ترك الكلّ.
نعم ، ذكر الشيخ الأنصاري رحمهالله أنّه لا بدّ من حمل كلمة «كلّ» في قوله :