آلي ، إلّا أنّ هذه الأدلّة تدلّ على تنزيل الأمارة منزلة القطع بالالتزام ، لأجل الملازمة العرفيّة بين التنزيلين ، فيكون هناك تنزيلان أحدهما في طول الآخر : أحدهما : تنزيل مؤدّى الأمارة منزلة الواقع ، والمتكفّل لهذا التنزيل هو دليل حجّية الأمارة بالمطابقة. والآخر : تنزيل الأمارة منزلة القطع الذي يفهم بالدلالة الالتزاميّة العرفيّة ، والدلالة الالتزاميّة إنّما هي في طول الدلالة المطابقيّة كما هو واضح.
والمحقّق الأصفهاني قدسسره (١) تمسّك بدلالة الاقتضاء والعقل تأييدا لكلام صاحب الكفاية قدسسره وقال : لا بدّ من الالتزام بالمدلول الثاني صونا لكلام الحكيم عن اللغوية ؛ إذ لو لم يكن تنزيل الأمارة منزلة القطع لا يترتّب على تنزيل المؤدّى منزلة الواقع أثر ، ويمتنع أن يصدر اللغو عن الحكيم.
وعدل صاحب الكفاية قدسسره (٢) عمّا ذكره في الكفاية ، وحاصل كلامه : أنّ الموضوع في موارد القطع الموضوعي الطريقي يكون مركّبا من جزءين أحدهما الواقع ، والآخر القطع المتعلّق به ، ولا يترتّب الأثر والحكم فيما كان الموضوع مركّبا إلّا بعد إحراز كلا الجزءين ، إمّا بالوجدان أو بالتعبّد ، أو أحدهما بالوجدان والآخر بالتعبّد ، وعليه فلو كان دليل التنزيل ناظرا لإثبات أحد الجزءين فلا بدّ من إحراز الجزء الآخر ، إمّا وجدانا أو تعبّدا في عرض تنزيل الجزء الأوّل ؛ إذ لو كان في طوله يلزم الدور كما فيما نحن فيه ، فإنّ تنزيل المؤدّى منزلة الواقع إنّما يتوقّف على تنزيل الأمارة منزلة القطع ؛ إذ لا أثر للتنزيل الأوّل بدون الثاني حسب الفرض ، وتنزيل الأمارة منزلة القطع يتوقّف على
__________________
(١) نهاية الدراية ٣ : ٥٧.
(٢) كفاية الاصول ٢ : ٢٤.