ثمّ نسب إلى الأخباريّين التفصيل في حجّيّة القطع الطريقي بلحاظ الأسباب بأنّ القطع إن كان حاصلا من المقدّمات العقليّة فلا يكون حجّة في الأحكام الشرعيّة ، وإن كان حاصلا من المقدّمات النقليّة من الكتاب والسنّة فهو حجّة.
وقد عرفت أنّ المنع عن حجّيّة القطع ليس بصحيح عقلا ، فإنّه في حكمه بحجّيّة القطع ولزوم متابعته لا يفرّق بين الأسباب ، فلا وجه للمنع عن حجّيّة القطع الحاصل من المقدّمات العقليّة.
هذا بناء على ثبوت النسبة كما عليه الشيخ الأعظم الأنصاري قدسسره ، ولكن الحقّ عدم ثبوتها وفاقا للمحقّق الخراساني قدسسره فإنّ النزاع بين الاصولي والأخباري ليس في أصل حجّيّة القطع الحاصل من المقدّمات العقلية ؛ إذ لا شكّ في أنّ القطع بعد حصوله يكون حجّة من أيّ طريق كان ، بل النزاع بينهما في حصول القطع بالحكم الشرعي من المقدّمات العقليّة ، حيث إنّ الأخباري يدّعي أنّ المقدّمات العقليّة لا تفيد إلّا الظنّ ، ويؤيّد ذلك ظاهر كلماتهم ، فإنّ بعضهم في مقام منع الملازمة بين حكم العقل وحكم الشرع ، كما هو صريح كلام السيّد صدر الدين قدسسره وبعضهم في مقام بيان عدم جواز الاعتماد على المقدّمات العقليّة ؛ لأنّها لا تفيد إلّا الظنّ ، كما هو صريح كلام الشيخ المحدّث الأسترآباديقدسسره (١).
__________________
(١) الفوائد المدنية : ١٢٩ ـ ١٣٠.