إذا لسعته الدّبر (٢) لم يرج لسعها |
|
وحالفها في بيت نوب عواسل (٣) |
أراد لم يخف لسعها.
وقال الاخر (٤) :
لا ترتجي حين تلاقي الذائدا أخمسة لاقت معا أو واحدا أي لا تخاف. وقال بعض العلماء : إنما كنوا عن الخوف بالرجاء في هذه المواضع ، لأن الراجي لا يستيقن ، فمعه طرف من المخافة. وقال بعضهم : الوقار هاهنا بمعنى العظمة ، وسعة المقدرة. وأصل الوقار : ثبوت ما به يكون الشيء عظيما ، من الحلم والعلم ، اللذين يؤمن معهما الخرق والجهل.
ومن ذلك قول القائل : وقد وقر قول فلان في قلبي. أي ثبت واستقر ، أو خدش وأثر.
وفي قوله سبحانه : (وَاللهُ أَنْبَتَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ نَباتاً) (١٧) استعارة ، لأن حقيقة الإنبات إنما تجري على ما تطلعه من نباتها ، وتخرجه عند ازدراعها. ولمّا كان سبحانه ، يخرج البريّة من مضايق الأحشاء ، إلى مفاسح الهواء ، ويدرجهم من الصّغر إلى الكبر ، وينقلهم من الهيئات والصور ؛ كل ذلك على وجه الأرض ، فقد قال : (وَاللهُ أَنْبَتَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ نَباتاً) (١٧).
وقال بعضهم ، قد يجوز أن يكون المراد بذلك ، خلق آدم عليهالسلام من الطين ، وهو أصل الخليقة. فإذا خلقه سبحانه من طين الأرض ، كان نسله مخلوقين منها ، لرجوعهم إلى الأصل المخلوق من طينها. فحسن أن يقول سبحانه : (وَاللهُ أَنْبَتَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ نَباتاً) (١٧) أي استخرجكم من طين الأرض. و «نباتا» هاهنا ، مصدر وقع مخالفا لما يوجبه بناء فعله ؛ وكان الوجه أن يكون : إنباتا. لأنّه في الظاهر مصدر أنبتكم. وقد قيل إنّ هناك فعلا محذوفا جرى المصدر عليه ، فكأنه
__________________
(٢). الدبر : جماعة النحل والواحدة دبرة.
(٣). نقل ديوان الهذليين ١ : ١٤٣١ ؛ معاني القرآن ١ : ٢٨٦ و ٢ : ٢٦٥.
(٤). لم ينسب في «أساس البلاغة» لقائله. وروي في الأساس هكذا :
لا ترتجي حين تلاقي الذائدا |
|
أسبعة لاقت معا أم واحدا |