تعالى قال : والله أنبتكم من الأرض فنبتم نباتا. لأن أنبت يدل على نبت ، من جهة أنه مضمّن به.
وفي قوله سبحانه : (وَاللهُ جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ بِساطاً (١٩) لِتَسْلُكُوا مِنْها سُبُلاً فِجاجاً (٢٠) استعارة. والمراد بالبساط هاهنا : المكان الواسع المستوي. مشبّه بالبساط ، وهو النمط الذي يمدّ على الاستواء ، فيجلس عليه.
وقال الأصمعي (٥) : وبنو تميم خاصة يقولون بساط ، بفتح الباء. وقال الشاعر (٦) :
ودون يد الحجّاج من أن ينالني بساط لأيدي الناعجات (٧) عريض وتصيير الأرض بساطا ، كتصييرها فراشا ومهادا.
وهذه الألفاظ الثلاثة ترجع إلى معنى واحد.
__________________
(٥). هو أبو سعيد عبد الملك بن قريب ، الراوية المشهور ، وأحد علماء اللغة الأثبات. ونسب إلى جده «أصمع» ؛ وكان يتلقى الأخبار مشافهة من البوادي ، ويتحف بها الخلفاء ، فيكافأ عليها بأجزل الهبات. قال فيه الأخفش : ما رأينا أحدا أعلم بالشعر من الأصمعي. وقد انفرد برواية قصائد جمعها المستشرق الألمانى وليم أهلورت ، وتوفي بالبصرة سنة ٢١٦.
(٦). هو العديل بن الفرج ، ولقبه العباب : والعباب اسم كلب له ، فلقّب باسم كلبه. وكان هجا الحجاج بن يوسف ، فطلبه ، فهرب منه إلى قيصر ملك الروم ، فقال أبياتا منها هذا البيت وأخباره في «الشعر والشعراء» ص ٣٧٥ ، و «الأغاني» ج ٢٠ ، و «الخزانة» ج ٢.
(٧). في «الشعر والشعراء «اليعملات» والناعجات هي النياق البيض. واليعملات : جمع يعملة ، وهي الناقة المطبوعة على العمل.