له ، ثم اقرأه كما أقرأك ؛ ثم إنّا بعد حفظه وتلاوته ، نبينه لك ونلهمك معناه.
[الآيتان ٢٠ ـ ٢١] : إنكم يا بني آدم خلقتم من عجل وطبعتم عليه ، فتعجلون في كلّ شيء ؛ ومن ثمّ تحبون العاجلة ، وتذرون الاخرة.
[الآيتان ٢٢ ـ ٢٣] : في ذلك اليوم ، يوم القيامة ، ستكون هناك وجوه حسنة ناعمة ، تنظر إلى جلال الله ، وتتمتّع برضوانه ، وهي متعة دونها كل متعة.
إن روح الإنسان لتستمتاع أحيانا بلمحة من جمال الإبداع الإلهي في الكون أو النفس ، تراها في الليلة القمراء ، أو الليل الساجي ، أو الفجر الوليد ، أو الظل المديد ، أو البحر العباب ، أو الصحراء المنسابة ، أو الروض البهيج ، أو الطلعة البهية ، أو القلب النبيل ، أو الإيمان الواثق ، أو الصبر الجميل ... إلى آخر مطالع الجمال في هذا الوجود ، فتغمرها النشوة ، وتفيض بها السعادة. فكيف بها وهي تنظر إلى جمال ذات الله؟ وتستمتع بهذه السعادة الغامرة ، التي لا يحيط بها وصف ، ولا يتصوّر حقيقتها إدراك؟
[الآيتان ٢٤ ـ ٢٥] : ووجوه الفجّار تكون يوم القيامة عابسة كالحة ، مستيقنة أنّها ستصاب بداهية عظيمة تقصم ظهرها وتهلكها.
[الآيات ٢٦ ـ ٣٠] : تعرض الآيات مشهد الاحتضار ، حينما تبلغ الروح أعالي الصدر ، وتشرف النفس على الموت ، ويقول أهل المحتضر : من يرقيه للشفاء ممّا نزل به؟ والتمسوا له الأطباء فلم يغنوا عنه من قضاء الله شيئا ؛ وأيقن المحتضر أنّ ما نزل به نذير الفراق من الدنيا والمال والأهل والولد. وبطلت كل حيلة ، وعجزت كل وسيلة ، والتوت ساقه بساقه فلا يقدر على تحريكهما. ويتبيّن الطريق الواحد ، الذي يساق إليه كلّ حي في نهاية المطاف : (إِلى رَبِّكَ يَوْمَئِذٍ الْمَساقُ) (٣٠).
إن المشهد يكاد يتحرّك وينطق ، وكل آية ترسم حركة ، إنه مشهد الموت الذي ينتهي إليه كلّ حي ، الموت الذي يصرع الجبابرة ، بالسهولة نفسها التي يصرع بها الأقزام ، ويقهر المتسلّطين ، كما يقهر المستضعفين ، الموت الذي لا حيلة للبشر فيه ، وهم مع هذا لا يتدبرون القوة القاهرة التي تجريه.