فإن قيل : ما الحكمة في قوله تعالى : (مِنْ عِبادِنا) [الآية ١٠] بعد قوله تعالى : (كانَتا تَحْتَ عَبْدَيْنِ) [الآية ١٠].
قلنا : مدحهما والثناء عليهما بإضافتهما إليه إضافة التشريف والتخصيص ، كما في قوله تعالى : (وَعِبادُ الرَّحْمنِ) [الفرقان : ٦٣] وقوله تعالى : (فَادْخُلِي فِي عِبادِي) (٢٩) [الفجر] وهو مبالغة في المعنى المقصود ، وهو أن الإنسان لا ينفعه إلا صلاح نفسه لا صلاح غيره ، وإن كان ذلك الغير في أعلى مراتب الصلاح والقرب من الله تعالى.
فإن قيل : لم قال تعالى : (وَكانَتْ مِنَ الْقانِتِينَ) (١٢) ولم يقل سبحانه من القانتات؟
قلنا : معناه كانت من القوم القانتين : أي المطيعين لله تعالى ، يعني رهطها وأهلها ، فكأنه تعالى قال : وكانت من بنات الصالحين. وقيل إن الله تعالى لمّا تقبلها في النذر وأعطاها مرتبة الذكور الذين كان لا يصلح النذر إلّا بهم ، عاملها معاملة الذكور ، في بعض الخطاب إشارة إلى ذلك ، وقال تعالى : (وَارْكَعِي مَعَ الرَّاكِعِينَ) (٤٣) [آل عمران] وقال تعالى : (وَكانَتْ مِنَ الْقانِتِينَ) (١٢) ، أو رعاية للفواصل.