حتى أمكنت من التصرّف على ظهرها ، لما كان عليها مثبت قدم ، ولا مسرح نعم. وقد استقصينا الكلام على ذلك في كتابنا الكبير.
وفي قوله سبحانه : (أَفَمَنْ يَمْشِي مُكِبًّا عَلى وَجْهِهِ أَهْدى أَمَّنْ يَمْشِي سَوِيًّا عَلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ) (٢٢) استعارة ، المراد بها صفة من يخبط في الضلال ، وينحرف عن طريق الرّشاد. لأنّهم يصفون من تلك حاله بأنّه ماش على وجهه. فيقولون : فلان يمشي على وجهه ، ويمضي على وجهه ، إذا كان كذلك.
وإنّما شبّهوه بالماشي على وجهه ، لأنّه لا ينتفع بمواقع بصره ، إذ كان البصر في الوجه. وإذا كان الوجه مكبوبا على الأرض كان الإنسان كالأعمى الذي لا يسلك جددا ، ولا يقصد سددا.
ومن الدليل على أن قوله تعالى : (أَفَمَنْ يَمْشِي مُكِبًّا عَلى وَجْهِهِ) هو من الكنايات عن عمى البصر ، قوله تعالى في مقابل ذلك : (أَمَّنْ يَمْشِي سَوِيًّا) : لأن السّويّ ضدّ المنقوص في خلقه ، والمبتلى في بعض كرائم جسمه.