أول آية من القرآن : (اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ) (١) [العلق].
[الآيتان ٢ و ٣] نفى القرآن عن النبي (ص) الاتّهام الكاذب بالجنون ، ثم أثبت أنّ له أجرا كاملا غير منقوص على تبليغ الرسالة.
[الآية ٤] ومدحه الله ، عزوجل ، بحسن الخلق ، فقال سبحانه (وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ) (٤). لقد كان خلقه القرآن ، وكان جامعا للصفات الكريمة ، والقدوة الحسنة ، فقد اتّصف بالفصاحة والشجاعة والكرم والحلم ، والأدب والعفّة والنزاهة والأمانة ، والصدق والرحمة والتسامح واللّين وحسن المعاملة.
وكان حسن الصورة ، معتدل القوام ، جيّاش العواطف ، قويّا في دين الله ، حريصا على تبليغ الرّسالة ، قائدا ومعلما ومربّيا وموجها ، أمينا على وحي السماء.
وكانت عظمة أخلاقه في أنّه تمثّل القرآن سلوكا وهديا وتطبيقا ، فكان قرآنا متحرّكا ، يجد فيه الصحابة القدوة العملية ، والتطبيق الأمين للوحي ، فيقتدون بخلقه وعمله وهديه وسلوكه.
(لَقَدْ كانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كانَ يَرْجُوا اللهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللهَ كَثِيراً) (٢١) [الأحزاب].
[الآيتان ٥ و ٦] فسيكشف الغد عن حقيقة النبيّ وحقيقة مكذّبيه ، ويثبت : أيّهم الممتحن بما هو فيه ، وأيّهم الضالّ في ما يدّعيه ، وستبصر ويبصرون غلبة الإسلام ، واستيلاءك عليهم بالقتل والأسر ، وهيبتك في أعين الناس أجمعين ، وصيرورتهم أذلّاء صاغرين.
[الآية ٧] إنّ ربك هو الذي أوحى إليك ، فهو يعلم أنك المهتدي ؛ والمكذّب بك ضالّ عن طريق الهدى ؛ وسيجازى كلّ إنسان بحسب ما يستحقّ.
[الآيتان ٨ و ٩] وقد ساوم الكفار النبيّ ، وعرضوا عليه أن يعبدوا إلهه يوما ، وأن يعبد آلهتهم يوما ، فيصيب كلّ واحد بحظّه من إله الاخر ، فنزل قوله تعالى : (قُلْ يا أَيُّهَا الْكافِرُونَ (١) لا أَعْبُدُ ما تَعْبُدُونَ) (٢) [الكافرون]. وفي كتب السيرة أنّ الكفّار حرّضوا أبا طالب على أن يكف عنهم محمّدا ، وأن ينهاه عن عيب آلهتهم ، فقال