النبي (ص) لعمّه : والله لو وضعوا الشمس في يميني ، والقمر في يساري ، على أن أترك هذا الأمر ، ما تركته ، حتى يظهره الله ، أو أهلك دونه.
وقد نزل الوحي ينهاه عن طاعة المكذّبين ، وينهاه عن قبول المساومة أو الحل الوسط ، فإمّا إيمان أو لا إيمان : (وَدُّوا لَوْ تُدْهِنُ فَيُدْهِنُونَ) (٩) : الإدهان هو اللين والمصانعة ، أي ودّ المشركون لو تلين لهم في دينك بالركون إلى آلهتهم ، وتتخلّى عن مهاجمتها ، حتّى يتركوا خصامك وجدالك.
[الآيات ١٠ ـ ١٣] نزلت هذه الآيات في الوليد بن المغيرة ، وقيل في الأخنس بن شريق ، وكلاهما كان ممّن خاصموا رسول الله (ص) ولجّوا في حربه. والآيات تصفه بتسع صفات كلّها ذميم :
١ ـ فهو حلّاف ، كثير الحلف.
٢ ـ مهين ، لا يحترم نفسه ولا يحترم الناس قوله.
٣ ـ وهو همّاز ، يهمز الناس ويعيبهم بالقول والإشارة.
٤ ـ وهو مشّاء بنميم ، يمشي بين الناس بالنميمة والفتنة والفساد.
٥ ـ وهو منّاع للخير ، بخيل ممسك ؛ وكان يمنع الناس من الإيمان ، ويهدّد من يحسّ منه الاستعداد للإيمان.
٦ ـ وهو معتد ، متجاوز للحقّ والعدل ؛ ثم هو معتد على النبيّ (ص) وعلى المسلمين.
٧ ـ وهو أثيم ، كثير الآثام ، لا يبالي بما ارتكب ولا بما اجترح.
٨ ـ عتلّ بعد ذلك ، جامع للصفات المذمومة ، وهو فظّ غليظ جاف.
٩ ـ زنيم ، أي لصيق في قومه متّهم في نسبه ، أو معروف بالشرور والآثام.
[الآيات ١٤ ـ ١٦] تذكر هذه الآيات موقفه من دين الله ، وجحوده بنعمة الله عليه ؛ فلأنّه صاحب مال وولد ، إذا تلي عليه القرآن استهزأ بآياته ، وسخر من الرسول (ص) ؛ وهذه وحدها تعدل كلّ ما مرّ من وصف ذميم ، (سَنَسِمُهُ عَلَى الْخُرْطُومِ) (١٦) ، أي سنجعل له سمة وعلامة على أنفه ؛ والمراد أنّا سنبيّن أمره بيانا واضحا حتّى لا يخفى على أحد ، أو سنذلّه في الدنيا غاية الإذلال ، ونجعله ممقوتا مذموما مشهورا بالشّرّ.