سراجك (وَدَعْ أَذاهُمْ) بنفسك لتنجو من آفة التلوين ورؤية فعل الغير فإنهم لا يفعلون ما يفعلون بالاستقلال بأنفسهم (وَتَوَكَّلْ عَلَى اللهِ) برؤية أفعالهم وأفعالك منه (وَكَفى بِاللهِ وَكِيلاً) يفعل بك وبهم ما يشاء ، فإن آذاهم على مظهرك فهو القادر على ذلك مع براءتك عن ذنب التلوين كما فعل عند التمكين وإلا فهو أعلم بشأنه.
[٥٦ ـ ٦٥] (إِنَّ اللهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً (٥٦) إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللهَ وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمُ اللهُ فِي الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ وَأَعَدَّ لَهُمْ عَذاباً مُهِيناً (٥٧) وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِناتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتاناً وَإِثْماً مُبِيناً (٥٨) يا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْواجِكَ وَبَناتِكَ وَنِساءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلابِيبِهِنَّ ذلِكَ أَدْنى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلا يُؤْذَيْنَ وَكانَ اللهُ غَفُوراً رَحِيماً (٥٩) لَئِنْ لَمْ يَنْتَهِ الْمُنافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ وَالْمُرْجِفُونَ فِي الْمَدِينَةِ لَنُغْرِيَنَّكَ بِهِمْ ثُمَّ لا يُجاوِرُونَكَ فِيها إِلاَّ قَلِيلاً (٦٠) مَلْعُونِينَ أَيْنَما ثُقِفُوا أُخِذُوا وَقُتِّلُوا تَقْتِيلاً (٦١) سُنَّةَ اللهِ فِي الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلُ وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللهِ تَبْدِيلاً (٦٢) يَسْئَلُكَ النَّاسُ عَنِ السَّاعَةِ قُلْ إِنَّما عِلْمُها عِنْدَ اللهِ وَما يُدْرِيكَ لَعَلَّ السَّاعَةَ تَكُونُ قَرِيباً (٦٣) إِنَّ اللهَ لَعَنَ الْكافِرِينَ وَأَعَدَّ لَهُمْ سَعِيراً (٦٤) خالِدِينَ فِيها أَبَداً لا يَجِدُونَ وَلِيًّا وَلا نَصِيراً (٦٥) إِنَّ اللهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِ) بالأمداد والتأييدات والإفاضة للكمالات فالمصلي في الحقيقة هو الله تعالى جمعا وتفصيلا بواسطة وغير واسطة ، ومن ذلك تعلم صلاة المؤمنين عليه وتسليمهم له فإنها من حيز التفصيل وحقيقة صلاتهم عليه قبولهم لهدايته وكماله ومحبتهم لذاته وصفاته فإنها إمداد له منهم وتكميل وتعميم للفيض إذ لو لم يمكن قبولهم لكمالاته لما ظهرت ، ولم يوصف بالهداية والتكميل فالإمداد أعمّ من أن يكون من فوق بالتأثير أو من تحت بالتأثر ، وذلك كقبول المحبة. والصفاء هو حقيقة الدعاء في صلاتهم بقولهم : اللهمّ صلّ على محمد. وتسليمهم جعلهم إياه بريئا من النقص والآفة في تكميل نفوسهم والتأثير فيها وهو معنى دعائهم له بالتسليم (لَعَنَهُمُ اللهُ فِي الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ) لأن النبي في غاية القرب منه بحيث يتحقق به بفناء آنيته ولم تبق اثنينية هناك لخلوص محبته ، فالمؤذي له يكون مؤذيا لله ، والمؤذي لله هو الظاهر بآنية نفسه لعداوة الله له فهو في غاية البعد الذي هو حقيقة اللعن في الدارين ظاهرا وباطنا وهو مقابل لحضرة العزّة فيكون في غاية الهوان في عذاب الاحتجاب (وَما يُدْرِيكَ لَعَلَّ السَّاعَةَ تَكُونُ قَرِيباً) لمن استعدّ لها (لَعَنَ الْكافِرِينَ) لبعدهم عنه بالاحتجاب.
[٦٦ ـ ٦٩] (يَوْمَ تُقَلَّبُ وُجُوهُهُمْ فِي النَّارِ يَقُولُونَ يا لَيْتَنا أَطَعْنَا اللهَ وَأَطَعْنَا الرَّسُولا (٦٦) وَقالُوا رَبَّنا إِنَّا أَطَعْنا سادَتَنا وَكُبَراءَنا فَأَضَلُّونَا السَّبِيلا (٦٧) رَبَّنا آتِهِمْ ضِعْفَيْنِ مِنَ الْعَذابِ وَالْعَنْهُمْ لَعْناً كَبِيراً (٦٨) يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَكُونُوا كَالَّذِينَ آذَوْا مُوسى فَبَرَّأَهُ اللهُ مِمَّا قالُوا وَكانَ عِنْدَ اللهِ وَجِيهاً (٦٩))