أَنْتُمْ مِنْهُ تُوقِدُونَ (٨٠) أَوَلَيْسَ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ بِقادِرٍ عَلى أَنْ يَخْلُقَ مِثْلَهُمْ بَلى وَهُوَ الْخَلاَّقُ الْعَلِيمُ (٨١))
(إِنَّ أَصْحابَ الْجَنَّةِ الْيَوْمَ فِي شُغُلٍ) من أنوار التجليات ومشاهدات الصفات ، متلذذون هم ونفوسهم الموافقة لهم في التوجه (فِي ظِلالٍ) من أنوار الصفات (عَلَى الْأَرائِكِ) المقامات والدرجات (مُتَّكِؤُنَ لَهُمْ فِيها فاكِهَةٌ) من أنواع المدركات وأصناف الواردات والمكاشفات (وَلَهُمْ) ما يتمنون من المشاهدات ، وهي : (سَلامٌ) أعني (قَوْلاً) بإفاضة الكمالات وتبرئتهم بها من وجوه النقص التي تنبعث منها دواعي التمنيات صادرا (مِنْ رَبٍّ رَحِيمٍ) يرحم بتلك المشتهيات. والعهد عهد الأزل وميثاق الفطرة وعبادة الشيطان ، هو الاحتجاب بالكثرة لامتثال دواعي الوهم والصراط المستقيم طريق الوحدة. وقال الضحاك في وصف جهنم : «إن لكل كافر بئرا من النار يكون فيه لا يرى ولا يدري» ، وذلك صورة احتجابه. ومعنى الختم على الأفواه وتكليم الأيدي وشهادة الأرجل : تغيير صورهم وحبس ألسنتهم عن النطق وتصوير أيديهم وأرجلهم على صور تدل بهيئاتها وأشكالها على أعمالها وتنطق بألسنة أحوالها على ملكاتها من هيئات أفعالها.
[٨٢ ـ ٨٣] (إِنَّما أَمْرُهُ إِذا أَرادَ شَيْئاً أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ (٨٢) فَسُبْحانَ الَّذِي بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ (٨٣))
(إِنَّما أَمْرُهُ) عند تعلق إرادته بتكوين شيء ترتب كونه على تعلق الإرادة به دفعة معا بلا تخلل زماني (فَسُبْحانَ) أي : نزّه عن العجز والتّشبه بالأجسام والجسمانيات في كونها وكون أفعالها زمانية (الَّذِي) تحت قدرته وفي تصرّف قبضته (مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ) من النفوس والقوى المدّبرة له (وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ) بالفناء فيه والانتهاء إليه ، والله أعلم.