هُوَ الْحَكِيمُ الْعَلِيمُ (٣٠) قالَ فَما خَطْبُكُمْ أَيُّهَا الْمُرْسَلُونَ (٣١) قالُوا إِنَّا أُرْسِلْنا إِلى قَوْمٍ مُجْرِمِينَ (٣٢) لِنُرْسِلَ عَلَيْهِمْ حِجارَةً مِنْ طِينٍ (٣٣) مُسَوَّمَةً عِنْدَ رَبِّكَ لِلْمُسْرِفِينَ (٣٤) فَأَخْرَجْنا مَنْ كانَ فِيها مِنَ الْمُؤْمِنِينَ (٣٥) فَما وَجَدْنا فِيها غَيْرَ بَيْتٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ (٣٦) وَتَرَكْنا فِيها آيَةً لِلَّذِينَ يَخافُونَ الْعَذابَ الْأَلِيمَ (٣٧) وَفِي مُوسى إِذْ أَرْسَلْناهُ إِلى فِرْعَوْنَ بِسُلْطانٍ مُبِينٍ (٣٨) فَتَوَلَّى بِرُكْنِهِ وَقالَ ساحِرٌ أَوْ مَجْنُونٌ (٣٩) فَأَخَذْناهُ وَجُنُودَهُ فَنَبَذْناهُمْ فِي الْيَمِّ وَهُوَ مُلِيمٌ (٤٠) وَفِي عادٍ إِذْ أَرْسَلْنا عَلَيْهِمُ الرِّيحَ الْعَقِيمَ (٤١) ما تَذَرُ مِنْ شَيْءٍ أَتَتْ عَلَيْهِ إِلاَّ جَعَلَتْهُ كَالرَّمِيمِ (٤٢) وَفِي ثَمُودَ إِذْ قِيلَ لَهُمْ تَمَتَّعُوا حَتَّى حِينٍ (٤٣) فَعَتَوْا عَنْ أَمْرِ رَبِّهِمْ فَأَخَذَتْهُمُ الصَّاعِقَةُ وَهُمْ يَنْظُرُونَ (٤٤) فَمَا اسْتَطاعُوا مِنْ قِيامٍ وَما كانُوا مُنْتَصِرِينَ (٤٥) وَقَوْمَ نُوحٍ مِنْ قَبْلُ إِنَّهُمْ كانُوا قَوْماً فاسِقِينَ (٤٦) وَالسَّماءَ بَنَيْناها بِأَيْدٍ وَإِنَّا لَمُوسِعُونَ (٤٧) وَالْأَرْضَ فَرَشْناها فَنِعْمَ الْماهِدُونَ (٤٨) وَمِنْ كُلِّ شَيْءٍ خَلَقْنا زَوْجَيْنِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ (٤٩))
(كانُوا قَلِيلاً) من ليل الاحتجاب في مقام النفس ما يغفلون عن السلوك (وَبِالْأَسْحارِ) أي : أوقات طلوع أنوار التجليات وانقشاع ظلمة صفات النفس (هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ) يطلبون التنوّر بالأنوار وتستر صفات النفس وهيئات السوء بها ومحوها (وَفِي أَمْوالِهِمْ) أي : علومهم الحقيقية والنافعة (حَقٌّ لِلسَّائِلِ) أي : المستعدّ الطالب (وَالْمَحْرُومِ) القاصر الاستعداد ، أو المحجوب عن نور فطرته بالغواشي البدنية والرسوم العادية بإفاضة العلوم الحقيقية والمعارف اليقينية على الأول ، والعلوم النافعة الباعثة على الرياضة والمجاهدة على الثاني (وَفِي الْأَرْضِ) أي : ظاهر البدن (آياتٌ) من ظواهر الأسماء والصفات الإلهية (لِلْمُوقِنِينَ) الذين يشاهدون صفات الله في مظاهرها (وَفِي أَنْفُسِكُمْ) من أنوار تجلياتها. (أَفَلا تُبْصِرُونَ) وفي سماء الروح (رِزْقُكُمْ) المعنوي من العلوم كما في سماء العالم رزقكم الصوريّ (وَما تُوعَدُونَ) من الأنوار وأحوال القيامة الكبرى (إِنَّهُ لَحَقٌ) أي : ما ذكر من آيات الأرض والأنفس ووجوه الرزق وما وعد في السماء حق (مِثْلَ) نطقكم فإنه صفة من صفات المتكلم الحقيقي ظهر على لسانكم وفي أرض أبدانكم وتجلى بها المتكلم الحقيقي على قلوبكم إن حضرتم وشهدتم ونزل بها الرزق المعنوي الذي يندرج في صورة الألفاظ من سماء روحكم عليكم إن كان نطقا حقيقيا لا صوتا كأصوات الحيوانات ، فإنه لا يسمى نطقا إلا مجازا ، وحصل به كمالكم وأشرق نوره عليكم لتهتدوا به إلى أحوال الآخرة. وأما حديث ضيف إبراهيم وما نزلوا به فقد مرّ تحقيقه في سورة (هود).
[٥٠ ـ ٥٥] (فَفِرُّوا إِلَى اللهِ إِنِّي لَكُمْ مِنْهُ نَذِيرٌ مُبِينٌ (٥٠) وَلا تَجْعَلُوا مَعَ اللهِ إِلهاً آخَرَ إِنِّي لَكُمْ مِنْهُ نَذِيرٌ مُبِينٌ (٥١) كَذلِكَ ما أَتَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ مِنْ رَسُولٍ إِلاَّ قالُوا ساحِرٌ أَوْ مَجْنُونٌ (٥٢) أَتَواصَوْا بِهِ بَلْ هُمْ قَوْمٌ طاغُونَ (٥٣) فَتَوَلَّ عَنْهُمْ فَما أَنْتَ بِمَلُومٍ (٥٤) وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرى تَنْفَعُ الْمُؤْمِنِينَ (٥٥))