حقيقية أبدية سرمدية (فِي جَنَّةٍ) من جنان القلب والروح (عالِيَةٍ قُطُوفُها) من مدركات القلب والروح من المعاني والحقائق (دانِيَةٌ) كلما شاؤوا نالوها.
[٢٥ ـ ٣٧] (وَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتابَهُ بِشِمالِهِ فَيَقُولُ يا لَيْتَنِي لَمْ أُوتَ كِتابِيَهْ (٢٥) وَلَمْ أَدْرِ ما حِسابِيَهْ (٢٦) يا لَيْتَها كانَتِ الْقاضِيَةَ (٢٧) ما أَغْنى عَنِّي مالِيَهْ (٢٨) هَلَكَ عَنِّي سُلْطانِيَهْ (٢٩))
(خُذُوهُ فَغُلُّوهُ (٣٠) ثُمَّ الْجَحِيمَ صَلُّوهُ (٣١) ثُمَّ فِي سِلْسِلَةٍ ذَرْعُها سَبْعُونَ ذِراعاً فَاسْلُكُوهُ (٣٢) إِنَّهُ كانَ لا يُؤْمِنُ بِاللهِ الْعَظِيمِ (٣٣) وَلا يَحُضُّ عَلى طَعامِ الْمِسْكِينِ (٣٤) فَلَيْسَ لَهُ الْيَوْمَ هاهُنا حَمِيمٌ (٣٥) وَلا طَعامٌ إِلاَّ مِنْ غِسْلِينٍ (٣٦) لا يَأْكُلُهُ إِلاَّ الْخاطِؤُنَ (٣٧) وَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتابَهُ بِشِمالِهِ) أي : جانبه الأضعف النفساني الحيواني ، فيتحسر ويتندّم ويتوحش من تلك الصور والهيئات السمجة والقبائح التي نسيها وأحصاها الله ويتنفر منها ويتمنى الموت عندها ويتيقن أن الذي صرف عمره فيه وأكبّ بوجهه عليه من المال والسلطنة والجاه ما كان ينفعه بل يضرّه ، وهو معنى قوله : (يا لَيْتَنِي لَمْ أُوتَ كِتابِيَهْ) إلى آخره ، وينادى على لسان العزة والقهر الملكوت الموكل بعالم الكون والفساد من النفوس السماوية والأرضية أن (خُذُوهُ فَغُلُّوهُ) أي : قيدوه بما يناسب هيئات نفسه من الصور واحبسوه في سجين الطبيعة بما يمنع الحركات على وفق الإرادة من الأجرام (ثُمَ) جحيم الحرمان ونيران الآلام (صَلُّوهُ ثُمَّ فِي سِلْسِلَةٍ) الحوادث الغير المتناهية (فَاسْلُكُوهُ) ليتعذب بأنواع التعذيبات. والسبعون في العرف عبارة عن الكثرة الغير المحصورة لا العدد المعين (إِنَّهُ كانَ لا يُؤْمِنُ بِاللهِ) أي : كل ذلك بسبب كفره واحتجابه عن الله وعظمته وشحه لمحبّة المال (فَلَيْسَ لَهُ الْيَوْمَ هاهُنا حَمِيمٌ) لاستيحاشه عن نفسه فكيف لا يستوحش غيره عنه وهو متنفر عن كل أحد حتى عن نفسه؟ ، (وَلا طَعامٌ إِلَّا مِنْ) غسالات أهل النار وصديدهم وقد شاهدناهم يأكلونها عيانا.
[٣٨ ـ ٥٢] (فَلا أُقْسِمُ بِما تُبْصِرُونَ (٣٨) وَما لا تُبْصِرُونَ (٣٩) إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ (٤٠) وَما هُوَ بِقَوْلِ شاعِرٍ قَلِيلاً ما تُؤْمِنُونَ (٤١) وَلا بِقَوْلِ كاهِنٍ قَلِيلاً ما تَذَكَّرُونَ (٤٢) تَنْزِيلٌ مِنْ رَبِّ الْعالَمِينَ (٤٣) وَلَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنا بَعْضَ الْأَقاوِيلِ (٤٤) لَأَخَذْنا مِنْهُ بِالْيَمِينِ (٤٥) ثُمَّ لَقَطَعْنا مِنْهُ الْوَتِينَ (٤٦) فَما مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ عَنْهُ حاجِزِينَ (٤٧) وَإِنَّهُ لَتَذْكِرَةٌ لِلْمُتَّقِينَ (٤٨) وَإِنَّا لَنَعْلَمُ أَنَّ مِنْكُمْ مُكَذِّبِينَ (٤٩) وَإِنَّهُ لَحَسْرَةٌ عَلَى الْكافِرِينَ (٥٠) وَإِنَّهُ لَحَقُّ الْيَقِينِ (٥١) فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ (٥٢))
(فَلا أُقْسِمُ) بالظاهر والباطن من العالم الجسماني والروحاني ، الوجود كله ظاهرا وباطنا (وَإِنَّهُ لَحَقُّ الْيَقِينِ) أي : محض اليقين وهو الكلام الوارد من عين الجمع ، إذ لو نشأ من مقام القلب لكان علم اليقين ، ولو نشأ من مقام الروح لكان عين اليقين. فلما صدر من