الرحمن لأن عطاياهم من النعم الظاهرة الجليلة دون الباطنة الدقيقة ، فمشربهم من اسم الرحمن دون غيره (لا يَمْلِكُونَ مِنْهُ خِطاباً) لأنهم لم يصلوا إلى مقام الصفات فلا حظ لهم من المكالمة.
[٣٨ ـ ٣٩] (يَوْمَ يَقُومُ الرُّوحُ وَالْمَلائِكَةُ صَفًّا لا يَتَكَلَّمُونَ إِلاَّ مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمنُ وَقالَ صَواباً (٣٨) ذلِكَ الْيَوْمُ الْحَقُّ فَمَنْ شاءَ اتَّخَذَ إِلى رَبِّهِ مَآباً (٣٩))
(يَوْمَ يَقُومُ الرُّوحُ) الإنساني وملائكة القوى في مراتبهم صافين أي : مرتبة كل في مقامه كقوله : (وَما مِنَّا إِلَّا لَهُ مَقامٌ مَعْلُومٌ (١٦٤)) (١) (لا يَتَكَلَّمُونَ إِلَّا مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمنُ) يسر له بأن هيأ له استعداد المكالمة في الأزل ووفقه لإخراج ذلك الاستعداد إلى الفعل بالتزكية (وَقالَ صَواباً) قولا حقا لا باطلا.
[٤٠] (إِنَّا أَنْذَرْناكُمْ عَذاباً قَرِيباً يَوْمَ يَنْظُرُ الْمَرْءُ ما قَدَّمَتْ يَداهُ وَيَقُولُ الْكافِرُ يا لَيْتَنِي كُنْتُ تُراباً (٤٠))
(إِنَّا أَنْذَرْناكُمْ عَذاباً) هو عذاب الهيئات الفاسقة من الأعمال الفاسدة دون ما هو أبعد منه من عذاب القهر والسخط وهو ما قدّمت أيديهم ، والله تعالى أعلم.
__________________
(١) سورة الصافات ، الآية : ١٦٤.