الحيثية ، ومن هنا يقال ، بأن النزاع في أنه موضوع لخصوص الذات المتلبسة أو للأعم ، إنما هو في الأوصاف التي يعقل فيها بقاء الذات بعد ارتفاع المبدأ ، فيقال أن هذه الذات الباقية بعد ارتفاع المبدأ ، هل يطلق عليها اسم الضارب ، أو لا يطلق عليها اسم الضارب ، وأمّا إذا فرض أن الذات بنفسها ترتفع عقلا كلما ارتفع المبدأ فحينئذ ، لا ذات باقية ليقع النزاع في أنه هل يطلق عليها الإسم أو لا يطلق عليها الإسم ، فمن هنا جعلوا الركن الثاني في ملاك النزاع هو إمكان بقاء الذات بعد ارتفاع المبدأ والحيثية المصححة للحمل.
ولكن ما أفادوه وقع موردا للإشكال أيضا في كلماتهم ، حيث أرادوا بهذا الضابط أن يخرجوا بالركن الأول ، المصادر المزيد منها فضلا عن المجردة ، حيث لا تحمل على الذات ، فلا يتعقل فيها النزاع ، وأرادوا أن يخرجوا بالركن الثاني ، ما كانت مبادئه ذاتية للذات كالشجر والحيوان ، ففي مثل ذلك لا يجري النزاع ، فهنا وقعوا في إشكال حيث تخيّل أن الركن الثاني غير محفوظ في المشتقات التي مبادئها عرضية لا ذاتية ، لكنها لازمة ، كما هو الحال في الواجب والممكن ، فيقال ، أن الواجب مبدؤه الوجوب ، والوجوب لازم للذات ، وليس ذاتيا ، بل هو عرضي لازم ، يستحيل ارتفاعه مع بقاء الذات ، وكذلك الحال في الإمكان ، بالنسبة للإنسان ، فهو حيثية عرضية لازمة للإنسان ، وليست ذاتية ، فيستحيل بقاء الذات مع زوالها ، فمن هنا اضطر السيد الأستاذ (١) في مقام دفع هذا الإشكال ، إلى القول بأن هذه المشتقات التي تكون مبادئها عرضية ولازمة للذات أن هذا أمر اتفاقي وليس دائميا ، لأن الوضع في الهيئات الاشتقاقية وضع نوعي لنوع هيئة فاعل ، وليس وضعا شخصيا لكل اسم فاعل ، «فواجب» هيئتها بشخصها لم توضع ليقع فيها الإشكال ، وهو أن هيئة واجب لا يجري فيها النزاع لأن المبدأ ملازم للذات ويستحيل ارتفاعه مع بقائها ، بل الموضوع طبيعي هيئة فاعل ، سواء كانت مادته وجوب أو ضرب ، ومن المعلوم أن هذه الهيئة الكلية قابلة لأن يزول
__________________
(١) محاضرات فياض / ج ١ ص ٢٢٨ ـ ٢٢٩.