الأمر الثاني : مقطوع البقاء وهو الجامع بين المتلبس والمنقضي عنه التلبس ، وهو كون زيد ممّن علم.
الأمر الثالث : مشكوك البقاء ، فهو ليس معلوم الارتفاع ولا معلوم البقاء ، وهو مدلول كلمة «عالم» ، فلا يدرى هل أنها تدل على مقطوع الارتفاع ، أو على مقطوع البقاء ، فمن هنا يشك في مدلولها بما هو مدلول ، فهل هو باق أو مرتفع ، فإن كان المدلول هو الأول فهو معلوم الارتفاع ، وإن كان هو الثاني فهو معلوم البقاء ، وحيث لا يدرى هل هو الأول أو الثاني إذن فالمدلول مشكوك البقاء.
وإجراء الاستصحاب في هذه الأمور متعذر ، أما إجراؤه في الأمر الأول وهو التلبس الفعلي فهو غير ممكن ، لوضوح أن التلبس الفعلي مقطوع الارتفاع ، إذ لا شك ببقاء العلم مع القطع بارتفاعه ، وأما إجراؤه في الأمر الثاني وهو الجامع فهو أيضا متعذر لأن الجامع مقطوع البقاء ، إذ لا شك بالبقاء ليجري الاستصحاب.
وأما الأمر الثالث ، فقد يتوهم بأنه مجرى للاستصحاب ، فيقال ، بأن مدلول اللفظ ، إن كان هو المتلبّس فهو مرتفع ، وإن كان الأعم فهو باق ، إذن فيشك في بقاء المدلول وارتفاعه ، فيجري الاستصحاب في مدلول اللفظ.
لكن هذا غير صحيح ، لأن الشك وإن كان فيما هو مدلول اللفظ ، لكن المدلول بهذا العنوان ليس موضوعا للحكم الشرعي ، فإن الحكم ليس مترتبا على عنوان مدلول اللفظ بحيث لو لم يكن هناك لفظ لتعطلت الأحكام الشرعية ، بل الحكم متوقف على واقع مدلول اللفظ وما هو بالحمل الشائع مدلول اللفظ ، يعني على المتلبس أو على الأعم ، فعنوان مدلول اللفظ ليس دخيلا في الحكم الشرعي أصلا ، لأن الأحكام تابعة لموضوعاتها الواقعية بقطع النظر عن كونها مدلولة للفظ ، نعم دلالة اللفظ طريق إلى تشخيص ما هو