في المقام باستصحاب هذه القضية المشروطة المعلقة ، وهي أنه لو كان قد دخل شهر رمضان قبل زوال المبدأ لوجب إكرام زيد ، فإن هذه القضية بما هي مشروطة ومعلّقة كانت ثابتة في حق زيد عند ما كان متلبسا بالعلم ، وبعد ارتفاع المبدأ عنه يشك بأن هذه القضية المشروطة ، هل ما زالت باقية أو أنها ليست باقية فيجري استصحاب بقاء هذه القضية فيثبت بذلك وجوب إكرام زيد إذا دخل شهر رمضان ، بناء على جريان الاستصحاب التعليقي وإجرائه في القضايا المشروطة كإجرائه في القضايا التنجيزية.
إذن فالصحيح في الحالة الأولى ، هو التفصيل بين هاتين الحالتين ، ففيما إذا كان أصل الجعل متأخرا عن ارتفاع المبدأ لا يجري الاستصحاب في القضية المشروطة ، حيث لا قضية مشروطة لعدم الجعل رأسا ، وأمّا إذا كان أصل الجعل صادرا من أول الأمر. ولكنه بنحو القضية المشروطة المعلقة على دخول شهر رمضان ، فيجري استصحاب الوجوب بنحو القضية المشروطة ولا يصل الأمر إلى أصالة البراءة لحكومة الاستصحاب على أصالة البراءة.
وأمّا الحالة الثانية وهي التي ذكرها صاحب الكفاية (١) حيث يكون ارتفاع المبدأ بعد شمول الحكم وفعليته لزيد ، فهل يجري في حقه استصحاب وجوب الإكرام؟. تمسّك صاحب الكفاية باستصحاب الوجوب ، وهذا الاستصحاب استصحاب تنجيزي لا تعليقي. وقد استشكل السيد الأستاذ (٢) في إجراء هذا الاستصحاب باستشكالين.
الإشكال الأول : أن هذا الاستصحاب استصحاب في الشبهة الحكمية لأن الشك في بقاء الوجوب إنما هو من جهة إجمال المفهوم ، وتردد الحكم المجعول بين أن يكون شاملا لحال الانقضاء أو مخصوصا بحال التلبس ، فالشبهة إذن شبهة حكمية ، والاستصحاب لا يجري في الشبهات الحكمية
__________________
(١) المشكيني / كفاية الأصول : ج ١ ص ٢١.
(٢) محاضرات فياض / ج ١ ص ٢٧٠.