والدال على النسبة ، هو هيئة المصدر ، والدال على الحدث ، هو مادة المصدر ، والدال على الطرف الآخر للنسبة ، هو هيئة الإضافة ، فليس في المقام نسبتان إحداهما نسبة الحدث إلى الذات ، والأخرى نسبة الحدث إلى «زيد» ، ليجتمع نسبتان ناقصتان في مرتبة واحدة ، بل نسبة واحدة ، الدال عليها هو الهيئة ، وهذه الهيئة المصدرية ، إنما تدل على النسبة فقط ، ولا تدل على المنسوب إليه ، ولكن هيئة الإضافة تدل على تعيين المنسوب إليه ، وكونه «زيدا».
إذن فلا يوجد في المقام نسبة إلى الذات ، ونسبة أخرى إلى «زيد» ، بل نسبة واحدة مدلولة للهيئة المصدرية.
التقريب الثالث : وهذا التقريب ينشأ من جواب التقريب السابق ، وهو أن هيئة المصدر لو كانت دالة على النسبة وطرف النسبة أيضا ، بمعنى أنها تدل على نسبة الحدث إلى الذات المبهمة ، إذن فالمصدر يكون معنى مستقلا في نفسه وليس لازم الإسناد إلى الغير ، وأمّا إذا بنينا بأن هيئة المصدر تدل على النسبة فقط دون طرف النسبة ، إذن فالمصدر يكون واجب الإسناد ، فكما أن فعل الماضي مثلا لا بد من إسناده فنقول «ضرب زيد» لأن ضرب تدل على النسبة وأما طرف النسبة وهو الفاعل لا يدل عليه هيئة الفعل ، وإنما تدل عليه هيئة الجملة الفعلية ، فكذلك في المقام ، إذا قلنا بأن هيئة المصدر تدل على النسبة فقط دون طرف النسبة ، إذن فالمصدر لا يكون تام المعنى في نفسه من دون إسناده ، ويكون حاله حال الفعل ، مع أن «الضرب» يتكلم عنه من دون إسناده فنقول «الضرب حرام» من دون أن نسنده إلى شيء وهذا كاشف عن أحد أمرين :
فإمّا أن النسبة وطرف النسبة كليهما داخل في هيئة المصدر لكي يكون قابلا للتوجه إليه من دون إسناده.
وإمّا أن يكون كلاهما خارجا عن مدلول المصدر وأن مدلوله ذات الحدث.