بإزاء أحدهما خارجا هو عين ما بإزاء الآخر ، ولكن التحليل في هذه الحالة الثالثة أخفى منه في الحالة الثانية ، لأنه في الحالة الثانية كانت ذات أوجدها الفعل ، ووجود الذات يساعد على التحليل ، وهنا في هذه الحالة الثالثة لا ذات أصلا ، ولكن التحليل الثالث عين التحليل الثاني ، فالعقل والعرف حلّل القيام إلى مرحلتين ، مرحلة التكوين والإيجاد ومرحلة التكوّن والانوجاد ، فالمرحلة الأولى يعبّر عنها بالمصدر ، والمرحلة الثانية يعبر عنها باسم المصدر ، من دون أن تكون النسبة مأخوذة في المرحلة الأولى ولا في المرحلة الثانية ، فالمصدر يوازي الخلق في الحالة الثانية ، واسم المصدر يوازي «زيدا» في الحالة الثانية أيضا ، ومن هنا كان اسم المصدر أعمق في الاسمية من المصدر ، باعتبار شبه اسم المصدر بالأعلام الشخصية «كزيد» الذي يعبّر عن المرحلة الثانية من الحالة الثانية ، بينما اسم المصدر يعبّر عن المرحلة الثانية من الحالة الثالثة فهو يوازي الأعلام الشخصية في الحالة الثانية ، ولهذا كان أعمق وأوضح في الاسمية من المصدر.
ولا يبعد أن تكون بعض الاعتبارات التي ذكرت ، والتي عبّرت عن المصدر بالفعل ، وعن اسم المصدر بالانفعال تارة ، وبالنتيجة أخرى ، يمكن تأويلها وإرجاعها إلى الاعتبار الأخير ، فليس مقصودهم أن هناك فعلا ، وهناك انفعالا ، ونتيجة مغايران للفعل ، بل هناك شيء واحد خارجا يحلّل إلى مرحلتين ، فيعبّر عن الأولى بالفعل وعن الثانية بالانفعال تارة ، وبالنتيجة أخرى.
وبهذا اتضح الفرق بين المصدر واسم المصدر من دون أن تكون النسبة الناقصة التقييدية مأخوذة في مدلول هيئة المصدر ، وبهذا يبطل الوجه الأول للاستدلال على أخذ هذه النسبة في مدلول هيئة المصدر.