كما يوصف هذا العرض قبل أن يقوم برهان على عرضيته أو جوهريته بالوصف الاشتقاقي ، كذلك يوصف حتى بعد أن يقوم برهان على عرضية نفس العرض. بالوصف الاشتقاقي ، لا الذات ، فنقول ، النور منير ، والوجود موجود ، حتى بعد قيام البرهان على أن النور عرض ، ولا نقول أن الذات منيرة ، إذ لا ذات في البين لها نورانية ، بل شيء واحد وهو نفس النور ، فيمكن للدواني أن يستدل أيضا بصحة هذا الإطلاق فيقول ، بأنه يصح إطلاق منير وموجود على نفس النور ونفس الوجود ، فلو فرض أن النسبة والذات كانت مأخوذة في مدلول منير. وموجود ، إذن هنا لا ذات لها نورانية ، بل شيء واحد وهو النور. فهذا الإطلاق صحيح عرفا فيمكن الاستدلال به على أن الذات والنسبة غير مأخوذتين في مدلول المشتق ، إذ لو كانت مأخوذة فليس في هذا العرض ذات ونسبة ومبدأ.
وكذلك يمكن إجراء هذا البيان في المبدأ فيما إذا فرض أن المبدأ وهو الحدث. قام برهان على أنه ذات لا على أنه عرض ، كما هو الحال في علم الباري حيث قام البرهان على أنه عين ذاته ، إذن فهو ذات قائم بنفسه لا أنه عرض وذات ، إذ ليس في البين ذات وعرض ونسبة ، بل ذات يطلق عليه أنه عالم ، وأنه قادر ، فلو فرض أن النسبة كانت مأخوذة في مدلول المشتق ، يلزم عدم صحة إطلاق لفظ عالم على العلم الذي هو ذات مستقلة بنفسها من قبيل «علم الباري» تعالى ، فبرهان الدواني بحسب الحقيقة يجري في هذه الموارد ببيان واحد.
والجواب عنه في تمام هذه الموارد هو :
أن من يقول بأخذ النسبة أو بأخذ النسبة والذات في مدلول المشتق ، لو كان يريد بهذه الذات المأخوذة ، ذاتا مقيّدة ، بأن تكون مغايرة مع المبدأ ، فحينئذ يرد عليه ، أنه عند ما يوصف البياض بأنه أبيض والنور بأنه منير ، والذات الواجبة بأنها عالمة مع أنه لا يوجد في المقام ذات مغايرة مع المبدأ ، بل ليس في الواقع إلّا وجود واحد ، وهذا الوجود الواحد هو وجود للذات وللمبدا ،