فمثلا «العلم» له وجود في نفسه ، يعني وجود مضاف إلى العلم ، فيقال هذا وجود «العلم» ، وله وجود لموضوعه بمعنى أن وجود «العلم» قائم بالموضوع ومندك في الموضوع ، وليس هذان وجودان للعرض ، بمعنى أن «العلم» ليس له وجودان ، وجود في نفسه ووجود آخر في موضوعه ، بل له وجود واحد ، وهذا الوجود الواحد فيه حيثيتان ، فإنه وجود للعرض في نفسه يمكن إضافته إلى ماهيته ، فيقال هذا وجود للبياض أو وجود «للعلم» أو وجود «للقيام» ، كما أن عين هذا الوجود الواحد هو وجود للموضوع بحيث يمكن إضافته إلى الموضوع فيقال هذا وجود للموضوع ويكون طورا من أطوار الموضوع ، فإن العلم شأن من شئون الذات العالمة وطور من أطوارها ، ونفس الحيثيتين يمكن تصورهما في مثال الصورة المنطبعة في المرآة فإن وجود المرآة وجود للمرآة في نفسها ، وهو وجود للصورة المنعكسة في المرآة ، وهذا وجود واحد هو وجود للمرآة ، ووجود لذي المرآة ، فإذا لوحظت المرآة بحسب الطبع في نفسها بلا عناية ، يقال هذه صورة ، باعتبار أن وجود المرآة في نفسها عين وجود الصورة فهي مستهلكة ومندكّة في الصورة ولكن مع إعمال عناية التفكيك وفصل المرآة عن الصورة ، وأن الصورة أمر طارئ والمرآة شيء إضافي منفصل عن الصورة ، حينئذ يقال هذه مرآة ، ولا يصح أن يقال هذه صورة ، ونفس هذا المثال يمكن تطبيقه في المقام ، فإذا لوحظ هذا الوجود الواحد بمقتضى طبعه دون إعمال عناية التفكيك والفصل بينه وبين موضوعه ، إذن فيصح حمله على الذات لأن هذا الوجود وجود للموضوع ، إذ وجود العرض في نفسه عين وجوده لموضوعه ، إذن فهو نحو ظهور للموضوع وطور من أطوار الموضوع فيصح حمله عليه ، ولكن إذا أعملت عناية التفكيك بين وجوده في نفسه ووجوده لموضوعه والتفت فقط إلى جنبة وجوده في نفسه ، إذن تحصل المغايرة بين العرض والموضوع ، لأنه حينما يلتفت إلى جنبة وجوده في نفسه ويفصل عن جنبة اندكاكه في الموضوع ، يحصل التغاير بين العرض والموضوع ، فلا يصح حمله على الموضوع ، والأول هو معنى «اللابشرطية» والثاني هو معنى «البشرطلائية».