إذن فالمشتق والمصدر يحتويان على مفهوم واحد ، ولكن هذا المفهوم الواحد ، حيث أن وجوده في نفسه عين وجوده لموضوعه ، فتارة يلحظ بما هو ظهور لموضوعه ، فيكون عين موضوعه ، فيصح حمله على الذات ، وأخرى يلحظ بما هو ظهور لنفسه مقابل موضوعه لا بما هو ظهور لموضوعه به ، فحينئذ يكون أمرا مغايرا للذات ، فلا يصح حمله على الذات.
هذا ما أفاده المحقق النائيني في توضيح معنى «اللابشرطية» و «الشرطلائية» ولكن السيد الأستاذ (١) لم يقبل بهذا الكلام واعترض عليه بعدة اعتراضات.
الاعتراض الأول :
أنه كيف يتعقل تصوّر مفهوم وحداني يكون تارة وبلحاظ قابلا للحمل على الذات ، وتارة وبلحاظ آخر غير قابل للحمل على الذات ، مع وحدته مفهوما وذاتا ، فإن هذا المفهوم الوحداني ، إمّا أن يكون وجوده عين وجود الذات ، وإمّا أن يكون وجوده مغايرا مع الذات بحسب الواقع والخارج ، فإن كان عينه صح حمله على الإطلاق ، وإن كان مغايرا مع الذات لا يصح حمله على الإطلاق ، فلا يعقل أن تحتفظ بمفهوم وحداني ، بحيث بلحاظ يقبل الحمل ، وبآخر لا يقبله ، بل لا بدّ من الالتزام بأن ما يقبل الحمل مفهوم مغاير ذاتا مع مفهوم ما لا يقبل الحمل ، ففي المقام ، مفهومان متغايران ذاتا ، فمفهوم المشتق («عالم») مغاير ذاتا مع مفهوم المصدر («علم») ، فإن مفهوم المصدر هو الحدث ، والحدث وجوده مغاير لوجود الذات ، ومفهوم المشتق أخذ فيه الشيء ، فعالم هو شيء له العلم ، وبهذا الاعتبار صح حمله على الذات ، فإن صحة حمل عالم على الذات ، إنما هو باعتبار مفهوم مغاير ذاتا مع مفهوم «علم» ، حيث طعّم فيه الذات والشيء ، فيقال ، بأن مفهوم «عالم» هو شيء له العلم ، فبهذا التطعيم ، صار هناك تغاير ذاتي بين «عالم وعلم» ، وأمّا لو فرض عدم هذا التطعيم في مفهوم «عالم» ، وأن المفهوم واحد ومحفوظ بداته في
__________________
(١) محاضرات فياض / ج ١ ص ٢٧٧ ـ ٢٧٨ ـ ٢٧٩.