إذن يمكن تعقل إمكان انحفاظ مفهوم وحداني تارة وبلحاظ يصح حمله على الذات ، وتارة أخرى وبلحاظ آخر لا يصح حمله على الذات ، فإن لوحظ حسب طبعه يصح حمله ، لأنه موجود بعين وجود الذات خارجا ، وإن لوحظ بعناية عالم التحليل ، لا يصح حمله ، لأن في عالم التحليل يحلل هذا الوجود الواحد إلى حصتين من الوجود ، إحداهما مباينة للأخرى ، وحينئذ لا يصح الحمل ، مضافا إلى أن البرهان قائم على الالتزام بانحفاظ مفهوم وحداني في «شيء وشيئية» بحيث أن هذا المفهوم الوحداني ، تارة وبلحاظ يصح حمله ، وتارة أخرى وبلحاظ آخر لا يصح حمله بحسب عالم الخارج وعالم التحليل.
الاعتراض الثاني :
وهو أن ما قاله المحقق النائيني (١) من أن وجود العرض في نفسه هو عين وجوده لموضوعه ، إن تمّ ، فإنما يصح في الأعراض الحقيقية من قبيل البياض والسواد ، ولا يصح في الأعراض الانتزاعية والمفاهيم الانتزاعية التي تنتزع من الماهيات والأشياء من قبيل الزوجية والإمكان والوجوب ، فإن المفاهيم الانتزاعية ليس لها وجود في الخارج ، حتى يقال ، بأن وجودها في نفسها عين وجودها في موضوعاتها ، بل هذه المفاهيم الانتزاعية وجودها في نفسها غير ثابت أصلا.
وهذا الاعتراض لو تمّ ، لكان هدما لمبنى المعارضة أنفسهم ، لأنه بعد إبطال كلام الميرزا يقولون بأن مفهوم المشتق ليس متحدا مع مفهوم المصدر ، بل هما مفهومان متباينان ، ولهذا لم يصح حمل أحدهما وصح حمل الآخر ، فصح حمل مفهوم «عالم» على الذات بملاك أن «عالم شيء له العلم» ، وحينئذ يقال بأن «شيء» بنفسه مفهوم انتزاعي ، فإذا لم يتصور نحو من الاتحاد بين المفاهيم الانتزاعية ومناشئ انتزاعها ، إذن فكيف صح حمل سائر الأعراض على الذات بإدخال مفهوم الشيء الذي هو بنفسه مفهوم انتزاعي في المقام؟.
__________________
(١) فوائد الأصول / الكاظمي : ج ١ ص ٥٩ ـ ٦٠.