وفي المقام أيضا يمكن أن يجري نفس الكلام ، فكما أن شيء وشيئية لهما مفهوم واحد محفوظ ويصح حمل أحدهما على الذات بلحاظ ولا يصح بلحاظ آخر ، ولا يعقل التطعيم فيهما ، فليقل في «عالم» و «علم» أن لهما مفهوما واحدا محفوظا ، ولكن هذا المفهوم الواحد ، تارة يلحظ بنحو لحاظ شيء ، فيصح حمله ، وأخرى يلحظ بنحو لحاظ شيئية فلا يصح حمله. وسرّ ذلك ، هو أن يفرض أن مفهومين موجودان بوجود واحد ، فمثلا بحسب الخارج «علم مع الذات» يفرض أنهما موجودان بوجود واحد في الخارج ، ولكن هذا الوجود الواحد الذي هو مظهر لكلتا الماهيتين ولوجود كلا المفهومين يمكن بحسب عالم التحليل والاعتبار ، أن يحلّل إلى جزءين ، فتكون حصة من هذا الوجود مظهرا لماهية «زيد» ، وحصة أخرى من هذا الوجود مظهرا آخرا لماهية «العلم» ، وهذا التحليل ليس له مطابق في الخارج من قبيل تحليل الماهية إلى الجنس والفصل ، ولهذا كان الجنس والفصل تحليليين لا خارجيين ، ولكن في عالم الخارج لا يوجد إلّا مفهوم واتحد ، ووجود واحد ، وهو الإنسانية. وحينئذ ، في مقام حمل مفهوم «علم» على الذات» ، إن لوحظ عالم الخارج الذي هو عالم وحدة المفهومين وجودا ، إذن فيصح حمل أحدهما على الآخر ، فيقال «زيد عالم» ، لأن «عالم» عبارة عن العلم المنظور إليه بحسب طبعه الخارجي عند الميرزا قدسسره وهو موجود بعين وجود الموضوع ، وإن لوحظ عالم التحليل ، إذن فهناك مغايرة بين «العلم» والذات ، فلا يصح حمل أحدهما على الآخر ، لأن كلمة «علم» عند الميرزا موضوعة للحدث المنظور إليه بحسب عالم التحليل بما هو له حصة من الوجود مغايرة للحصة الأخرى ، ولهذا قال الميرزا (١) ، بأن هذا بنفسه يحتاج إلى عناية ملاحظته «بشرط لا» من حيث الحمل ، وهذا بخلاف كلمة «عالم» فإنها موضوعة لنفس الحدث الملحوظ بحسب طبعه الخارجي ، وهو بهذا الطبع ، وجوده في نفسه ، عين وجوده في موضوعه.
__________________
(١) فوائد الأصول / الكاظمي : ج ١ ص ٤٩ ـ ٥٠ ـ ٥٩ ـ ٦٠.