الثلاثي في قبال من قال ، بأن مدلوله عنوان انتزاعي مركب ، وبهذا يظهر أن مدلول المصدر بذاته بشرط لا ، لأن مدلوله وهو الحدث مغاير مفهوما ووجودا مع الذات ، ولهذا فهو بطبعه لا يقبل الحمل على الذات ، فلا يقال «زيد علم» ، وهذا هو معنى أخذه بشرط لا.
وأمّا المشتق ، بعد أن كان مدلوله عنوانا بسيطا منتزعا عن الذات بلحاظ تلبسها بالمبدإ ، إذن فهو بطبعه لا يأبى عن الحمل على الذات ، لأنه متحد مع الذات اتحاد العنوان الانتزاعي مع منشأ انتزاعه وجودا ، باعتبار أن هذا العنوان موجود بعين وجود منشأ انتزاعه ، إذن فالمشتق مغاير مفهوما مع المبدأ ، ولا يأبى بطبعه عن الحمل ، وهذا هو معنى أخذه لا بشرط.
وهذا التفسير فيه نظر :
أولا : إن هذا التفسير يفترض وراء المركّب الثلاثي من ـ «زيد والعلم والنسبة بينهما» ـ عنوانا بسيطا منتزعا عن زيد بلحاظ علمه ، وهذا العنوان البسيط هو مدلول كلمة عالم ، وهذا المطلب لا يمكن تعقله ، فبقطع النظر عن باب الألفاظ مع التوجه إلى ذوات المعاني ، لا يوجد في الذهن إلّا صورة للذات والحدث والنسبة ، يعني صورة ذات لها العلم ، ولا يوجد في الذهن معنى ينتزع في طول هذه الصورة بحيث تكون نسبته إلى الذات المتلبسة بالمبدإ ، نسبة العنوان الانتزاعي إلى منشأ انتزاعه ، فتوهم انتزاع عنوان بسيط في طول المركّب الثلاثي ، غير متعقل ، بقطع النظر عن الألفاظ مع التوجه إلى المعاني ، فلا يوجد إلّا هذا المركب الثلاثي.
وحينئذ ، إمّا أن يقال بأن المشتق موضوع لهذا المركب الثلاثي ، وصاحب الكفاية لا يقول بذلك ، وإمّا أن يقال بأن المشتق موضوع لمفهوم بسيط منتزع من هذا المركب وفي طوله ، إذن فهذا المفهوم غير موجود.
وبرهان ذلك هو : أنه لو كان قيام المبدأ بالذات يوجب دائما انتزاع عنوان بسيط من الذات في حال تلبسها بالمبدإ للزم التسلسل في الأمور