المقدمة الثانية :
أنه فيما إذا شك (١) في وجوب السورة مثلا وعدم وجوبها ، فإن كان الواجب جامعا تركيبيا ، بمعنى أن المركب بنفس أجزائه ، كان معروضا على الوجوب ، والوجوب جعل على الأجزاء بنفسها ، إذن فيكون المقام ، من موارد دوران الأمر بين الأقل والأكثر ، لأن انبساط الوجوب على الأجزاء الأخرى ، غير السورة ، ولنفرضها ـ تسعة ـ ، هذا معلوم ، وانبساط الوجوب على العاشر وهو السورة ، مشكوك ، فتجري البراءة عن وجوب العاشر ، بناء على الانحلال في موارد الأقل والأكثر الارتباطيين.
وأمّا إذا كان الواجب جامعا بسيطا ، من قبيل عنوان اللاهوت ، الذي استكشف ببرهان أن الواحد لا يصدر إلّا من واحد ، إذن معروض الوجوب إنما هو هذا العنوان البسيط ، ولا شك فيما هو معروض الوجوب ، وإنما الشك في أن هذا العنوان البسيط المعلوم وجوبه ، ما هو محصله في الخارج؟. فهل يحصل خارجا بتسعة أجزاء ، أو يحصل بعشرة ، فتجري أصالة الاشتغال.
وبمجموع هاتين المقدمتين ، عندئذ ، يدّعى ، بأن الثمرة هي جريان البراءة على القول بالأعم ، لأن الجامع تركيبي فيكون الشك شكا في أصل الوجوب ، وجريان الاشتغال على القول بالصحيح ، لأن الجامع بسيط ، فيكون الشك شكا في المحصّل لا في أصل الوجوب.
وكلتا المقدمتين محل إشكال ، أمّا المقدمة الأولى ، وهي أن القول بالوضع للأعم ، يساوق كون الجامع تركيبيا ، والوضع للصحيح ، يساوق كون الجامع بسيطا ، الأمر ليس كذلك ، لما بينّاه سابقا ، من أن الجامع التركيبي معقول على كلا القولين ، كما بيّنا ، أيضا أنه ، لو تعقلنا الجامع البسيط ، على
__________________
(١) حقائق الأصول / الحكيم : ج ١ ص ٦٦ ـ ٦٧.