القول للصحيح ، يمكن أن نتعقله أيضا على القول بالأعم ، لكن بتبديله من القضية التنجيزية ، إلى القضية المهملة ، إذن فالجامع التركيبي ، والجامع البسيط ، كلاهما معقول على الأعمي والصحيحي ، فلا ملازمة في المقام ، وبهذا يتبين بطلان المقدمة الأولى.
وأما المقدمة الثانية ، فقد استشكل فيها المحقق الخراساني (١) قائلا ، بأن البراءة تجري على كلا التقديرين ، سواء كان الجامع تركيبيا ، أو بسيطا ، فإذا كان تركيبيا تجري البراءة كما هو واضح ، وإذا كان بسيطا ، فأيضا تجري البراءة بتوضيح ، أن الجامع البسيط على نحوين ، فتارة يكون الجامع البسيط موجودا بوجود طولي مغاير لوجود الأجزاء ، من قبيل وجود القتل والموت المغاير لوجود الضرب ، وتارة أخرى يكون الجامع البسيط موجودا بنفس وجود الأجزاء ، بحيث يحمل عليها بالحمل الشائع ، لكونه منتزعا عنها ، والعنوان الانتزاعي موجود بوجود منشأ انتزاعه. وحينئذ يقال بأن الجامع البسيط إن كان من قبيل الأول فالشك يكون شكا في المحصّل ، فتجري أصالة الاشتغال ، وإن كان الجامع من قبيل الثاني ، فبحسب الحقيقة ، ينبسط الوجوب على الأجزاء ، باعتبار أن هذا الجامع ، وجوده هو عين وجود الأجزاء ، فيكون الشك شكا في سعة دائرة هذا الوجوب المنبسط وضيقه ، وحيث أن الأجزاء مرددة بين الأقل والأكثر ، فيكون وجود هذا الواجب ، مرددا بين الوسيع والضيق ، فيكون الشك في أصل الواجب ، لا في المحصّل ، فتجري أصالة البراءة ، وبهذا تبيّن أنه يمكن جريان البراءة حتى إذا كان الجامع بسيطا فيما إذا كان بالنحو الثاني.
وأمّا التحقيق في المقدمة الثانية ، هو أن يقال بأن الجامع ، إذا كان تركيبيا فلا إشكال في أن الشك في جزئية شيء يكون مجرى للبراءة ، لدوران الأمر الواجب بين الأقل والأكثر كما ذكر ، وأمّا إذا كان الجامع بسيطا فحينئذ
__________________
(١) حقائق الأصول / الحكيم : ج ١ ص ٦٨.