مؤلم» ، وهذا العنوان منتزع بلحاظ جهة وجودية خارجية ، وهي حيثية قيام الألم في نفس المضروب ، فحينئذ ، إذا أوجب الشارع إيلام زيد ، وتردّد أمر إيلامه بين تسعة ضربات ، أو عشرة ضربات ، ففي مثل ذلك ، تجري أصالة الاشتغال ، وإن كان الجامع موجودا بعين وجود الضرب ، لكن مع هذا يمكن القول بأن التسعة معلومة الوجوب ، والضربة العاشرة مشكوكة ، فتجري أصالة البراءة عن وجوبها ، لأن هذا العنوان البسيط ، لمّا كان منتزعا عن الضرب بلحاظ حيثية وجودية خارجية ، فتكون هذه الحيثية تحت العهدة ، والمكلف لا يخرج عن العهدة إلّا إذا أحرز وجود هذه الحيثية ، ومن المعلوم أنه بالتسعة لا يحرز وجود تلك الحيثية الخارجية ، ومنه يعرف ، أن ما ذكره صاحب الكفاية ، من أن الجامع البسيط إذا كان منتزعا عن نفس الأجزاء ، وموجودا بوجودها ، يكون الشك في الجزء الزائد مجرى لأصالة البراءة ، غير تام في مثل هذا الجامع البسيط ، لأن تلك الحيثية الخارجية تحت العهدة بحكم العقل كما عرفت ، فما لم يحرز العقل وجودها ، لا يمكن الاكتفاء بالمأتي ، وهو تسع ضربات كما في المثال.
النحو الرابع :
أن يكون الجامع البسيط غير مشكك ، وموجودا بعين وجود الأجزاء ، ولكنه ليس منتزعا عنها بلحاظ جهة عرضية ، بل هو منتزع عن مرتبة ذات الأجزاء ، بحيث أنه ذاتي لهذه الأجزاء ، وتكون نسبته إليها كنسبة الإنسان إلى زيد ، ففي مثل ذلك ، يتم ما أفاده صاحب الكفاية (١) ، من أنه يكون مجرى للبراءة ، وذلك لأن هذه الماهية البسيطة التي تعلّق بها الوجوب ، وإن كان الشك فيها بين الأقل والأكثر غير متصور لأن البسيط لا يعقل فيه الأقل والأكثر ، إلّا أنه من المعلوم أن تمام الماهيّات إنما تؤخذ محطا للوجوب بما هي فانية في معنوناتها الذاتية وفي وجوداتها الخارجية ، والمفروض أن هذا
__________________
(١) حقائق الأصول ـ الحكيم ج ١ ص ٥٨.